المسيح نور العالم
فاتح أبواب الرجاء
فاتح أبواب الرجاء
قدم الكتبة والفريسيون امرأة أُمسكت في زنا وسألوه عن حُكمه عليها إن كانت تُرجم حسب شريعة موسى أم لا. ولعلهم كانوا يتوقعون أنه يوافق على رجمها، فيطلبون منه أن يبدأ بالرجم، فينفر الكثيرون منه بعد أن لمسوا فيه الرقة واللطف حتى مع الخطاة، وإن رفض يُحسب كاسرًا للناموس فيلزم محاكمته.
لم يعترض على حكم الشريعة لكنه سأل عمن يتأهل للبدء بالرجم، "من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر" (7). انسحب الشيوخ أولاً ثم الآخرين بينما كان يكتب السيد المسيح على الأرض، بلغة قرأ كل منهم فيها خطيته الخفية. بقيت المرأة الزانية وحدها تقف أمام ديان العالم كله الذي ما جاء ليدين بل ليخلص، فسألها ألا تعود للخطيئة. هو وحده من حقه أن يدينها، لكنه يفتح أبواب الرجاء أمام الخطاة للتوبة. قدم نفسه محررًا للنفس، بكونه الحق الإلهي (32).
مع لطفه وحنانه نحو الخطاة من الشعب اظهر حزمه مع القيادات الدينية التي طلبت أن تمارس عمل أبيها: إبليس القتال، أب الكاذبين. أراد أن يحررهم من بنوتهم لإبليس، فيتمتعوا بالحق عوض الكذب، ويمارسوا الحب عوض شهوة القتل. ظنوا أنهم أبناء إبراهيم الحر، مع أنهم لم يمارسوا أعماله بل أعمال إبليس. أما يسوع فأعلن أن إبراهيم هذا تهلل أن يرى يومه، فرأى وفرح (56).
تكشف قصة تعامل السيد المسيح مع المرأة الخاطئة عن طبيعة السيد المسيح الملتهبة بالحب نحو الخطاة، يشرق عليهم بأشعة حبه ليبدد ظلمتهم.
1. المرأة التي أمسكت في زنا 1-11.
2. المسيح نور العالم 12-20.
3. هلاك غير المؤمنين ٢١ - ٣٠.
4. الحرية الروحية ٣١ - ٣٧.
5. البنوة لله والبنوة لإبليس ٣٨ - ٤٧.
6. اتهامه بالتجديف ٤٨ - ٥٠.
7. المسيح واهب الخلود ٥١ - ٥٩.
1. المرأة التي أمسكت في زنا
"أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون". (1)
في الأصحاح السابق رأينا المضايقات التي حلت بالسيد المسيح خاصة بواسطة القيادات، والآن إذ حل الغروب ترك المدينة وذهب إلى جبل الزيتون، إما ليستريح في بيت أحد أصدقائه أو تحت إحدى مظال عيد المظال. ويرى البعض أنه لم يجد في أورشليم من يأويه في بيته، فانطلق إلى الجبل. ويرى آخرون أنه خرج ليقضي الليلة في الصلاة.
لم يعترض على حكم الشريعة لكنه سأل عمن يتأهل للبدء بالرجم، "من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر" (7). انسحب الشيوخ أولاً ثم الآخرين بينما كان يكتب السيد المسيح على الأرض، بلغة قرأ كل منهم فيها خطيته الخفية. بقيت المرأة الزانية وحدها تقف أمام ديان العالم كله الذي ما جاء ليدين بل ليخلص، فسألها ألا تعود للخطيئة. هو وحده من حقه أن يدينها، لكنه يفتح أبواب الرجاء أمام الخطاة للتوبة. قدم نفسه محررًا للنفس، بكونه الحق الإلهي (32).
مع لطفه وحنانه نحو الخطاة من الشعب اظهر حزمه مع القيادات الدينية التي طلبت أن تمارس عمل أبيها: إبليس القتال، أب الكاذبين. أراد أن يحررهم من بنوتهم لإبليس، فيتمتعوا بالحق عوض الكذب، ويمارسوا الحب عوض شهوة القتل. ظنوا أنهم أبناء إبراهيم الحر، مع أنهم لم يمارسوا أعماله بل أعمال إبليس. أما يسوع فأعلن أن إبراهيم هذا تهلل أن يرى يومه، فرأى وفرح (56).
تكشف قصة تعامل السيد المسيح مع المرأة الخاطئة عن طبيعة السيد المسيح الملتهبة بالحب نحو الخطاة، يشرق عليهم بأشعة حبه ليبدد ظلمتهم.
1. المرأة التي أمسكت في زنا 1-11.
2. المسيح نور العالم 12-20.
3. هلاك غير المؤمنين ٢١ - ٣٠.
4. الحرية الروحية ٣١ - ٣٧.
5. البنوة لله والبنوة لإبليس ٣٨ - ٤٧.
6. اتهامه بالتجديف ٤٨ - ٥٠.
7. المسيح واهب الخلود ٥١ - ٥٩.
1. المرأة التي أمسكت في زنا
"أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون". (1)
في الأصحاح السابق رأينا المضايقات التي حلت بالسيد المسيح خاصة بواسطة القيادات، والآن إذ حل الغروب ترك المدينة وذهب إلى جبل الزيتون، إما ليستريح في بيت أحد أصدقائه أو تحت إحدى مظال عيد المظال. ويرى البعض أنه لم يجد في أورشليم من يأويه في بيته، فانطلق إلى الجبل. ويرى آخرون أنه خرج ليقضي الليلة في الصلاة.
v
لبث السيد المسيح يُعلم في أورشليم وفي الهيكل يوم العيد الأخير كله، أي اليوم الثامن من عيد المظال، وناقض أقوال الفريسيين. هؤلاء رجعوا عند المساء إلى منازلهم، وأما هو فمضى إلى جبل الزيتون، لأنه كان في النهار يعلم في الهيكل، وفي الليل يخرج يبيت في جبل الزيتون معلمًا إيانا ألا نقتني منازل من حرفة، بل نقتنع بما تدعو الضرورة إليه للراحة فقط، عالمين أننا سنترك هذه الأبنية بعد قليل، وننتقل إلى العالم الباقي، ويكون تعبنا لأجل هذه المنازل باطلاً وعبثًا.
القديس يوحنا الذهبي الفم
"ثم حضر أيضًا إلى الهيكل في الصبح،
وجاء اليه جميع الشعب،
فجلس يعلمهم". (2)
جاء السيد المسيح إلى الهيكل في الصباح المبكر لكي يعلم الشعب الذي جاء إليه. بالأمس كان يعلم، وها هو يأتي اليوم باكرًا، مع أنه ربما قضى الليلة كلها على جبل الزيتون يصلي، لكنه كمحبٍ لعمله، ولشوقه أن يتمتع الكل بالمعرفة جاء إلى الهيكل مبكرًا. إنه يحب المبكرين إليه، إذ قيل: "أنا أحب الذين يحبونني والذين يبكرون إليّ يجدونني" (أم ٨: ١٧). وها هو يبكر إلى أحبائه.
أراد أن يلتقي مع الشعب داخل الهيكل، إذ لم يأتِ لكي يهجر الشعب القديم بل ليهبهم مفاهيم جديدة ونظرة جديدة نحو الناموس والهيكل والعبادة. جلس يعلمهم، بكونه صاحب سلطان، يود أن يجلس الكل معه، ويستقروا معه، يستمعون إلى الحق ويتمتعون به.
اعتاد كبار المعلمين أن يجلسوا أثناء التعليم، إذ يمتد ذلك إلى فترات طويلة، خاصة وان الإنجيلي يوحنا يقول: "جاء إليه جميع الشعب"، فمن جهة فعل "جاء" يحمل استمرارية الحضور، ومن جهة أخرى كلمتا "جميع الشعب" تشيران إلى جموع كثيرة. فكانت الحركة مستمرة ومتزايدة منذ الصباح المبكر (لو ٢١: ٣٨).
"وقدم إليه الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت في زنا،
ولما أقاموها في الوسط". (3)
يرى البعض أنه بسبب انتشار الزنا لم تُعد تطبق الشريعة الخاصة بالمرأة الزانية بأن تحضر أمام الكاهن وتشرب ماء الغيرة (عد ٥: ١٤)، وذلك لأن كثير من الأزواج أيضًا كانوا ساقطين في الزنا.
لاحظ الكتبة والفريسيون تجمع أعداد ضخمة من الشعب حول السيد المسيح يسمعون تعليمه منذ الصباح المبكر، فأرادوا من جانب أن يفسدوا هذه الجلسة بإحضار المرأة الزانية لكي ينشغل الكل بأمرها لا بما يعلم به السيد. ومن جانب آخر أرادوا نصب شبكة له، فإن عفا عنها حُسب كاسرًا للناموس، وإن دانها ينفرون منه كشخصٍ قاسٍ.
"قالوا له:
يا معلم هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل". (4)
يدعونه "يا معلم" بينما في اليوم السابق دعوه مضللاً (٧: ٤٧).
فقد الكتبة والفريسيون جوهر رسالتهم وهو الدخول بكل نفس إلى معرفة مشيئة الله، وتمتع الكل بالحب الإلهي. وصار انشغالهم منصبًا في الحرف القاتل، بغض النظر عن خلاص الإنسان وتمتعه بالشركة العميقة مع الله. لهذا لم يكن صعبًا عليهم أن يجدوا امرأة في حالة تلبس بجريمة الزنا. جاءوا بها إلى السيد، كل منهم يحمل في قلبه حجرًا يروي أعماقه المتعطشة لسفك الدماء، مطالبين في داخلهم برجمها، كما برجم شخصية السيد المسيح.
لم يدركوا أن السيد المسيح، كلمة الله، لن ينقض الناموس لكنه يكمله، فيرفعه من الحرف القاتل إلى الاهتمام ببنيان الداخل وتقديس الأعماق.
ظن الحرفيون في الناموس أنهم حتمًا يتمتعون برؤية المرأة وهي تطرد من الحياة برجمها، إذ لا تستحق الوجود على الأرض، ولا السكنى في بيت، بل تُلقى في حفرة وتنهال عليها الحجارة. ولم يدركوا أنهم جاءوا بها إلى غافر الخطية القدير، الذي وحده يجتذبها من بيت إبليس ويسحبها من منزل الزنا، لا ليعفو عنها، وإنما لتجد في القدوس عريسًا لنفسها، وفي السماء بيت زوجية تستقر فيه.
قصة هذه المرأة الزانية تفتح أمام كل نفس باب الحب الإلهي والرحمة، لتجد ناموس المسيح قانونها الداخلي الجذَّاب، فتنعم بالصوت الإلهي: "إني لم آتِ لأدين العالم بل لأخلص العالم" (يو ٣: ١٧؛ ١٢: ٤٧). فلا تجد من يحكم عليها بالموت الأبدي، بل من يشتريها بالدم الثمين ويهبها برَّه السماوي، ويشفع فيها أمام الآب، ويدخل بها إلى الأحضان الإلهية. تحولت هذه القصة من وقوف في محكمة إلى دخولٍ في عرس أبدي سماوي.
في رسالته عن العذارى إلى إستوخيوم Eustochuim يكتب القديس جيروم مطالبًا إيّاهن أن يتركن بيت أبيهن، أي إبليس، لكي يرتبطن بالعريس السماوي. [ربما تقولين لي: لقد تركت بيت طفولتي، لقد نسيت أبي، ووُلدت من جديد في المسيح، أيّة مكافأة أنالها؟ يُظهر النص ذلك: "يشتهي الملك حُسنك" (مز 45). هذا هو السرّ العظيم. فإنه لهذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويصير الاثنان (ليس كما جاء في النص جسدًا واحدًا)، بل روحًا واحدًا (أف 31:5-32). عريسكن ليس متشامخًا ولا مستخف بكن... إنه يقودكم إلى حجاله بيده الملوكية].
"وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم،
فماذا تقول أنت؟" (5)
لم يأمر موسى بالرجم بل أمرت الشريعة أن يحكم على الزاني والزانية بالموت (لا ٢٠: ١٠؛ تث ٢٢: ٢٢). لكن كانت وسيلة الحكم بالموت في ذلك الحين هي الرجم. إذ كان عطشهم لسفك الدماء ملتهبًا، ورغبتهم في تلفيق تهم خطيرة ضد السيد المسيح ملتهبة، جاءوا بالمرأة ليقدموا قضية غير متكاملة من الجانب القضائي، إذ لم يأتوا بمرتكب الجريمة مع المرأة، ولا أحضروا الشهود. ومع هذا لم يرفض السيد القضية لعدم تكاملها، لكنه حوَّل أنظار الكل إلى عمق الوصية وغاية الناموس الحقيقية.
v
"ثم حضر أيضًا إلى الهيكل في الصبح،
وجاء اليه جميع الشعب،
فجلس يعلمهم". (2)
جاء السيد المسيح إلى الهيكل في الصباح المبكر لكي يعلم الشعب الذي جاء إليه. بالأمس كان يعلم، وها هو يأتي اليوم باكرًا، مع أنه ربما قضى الليلة كلها على جبل الزيتون يصلي، لكنه كمحبٍ لعمله، ولشوقه أن يتمتع الكل بالمعرفة جاء إلى الهيكل مبكرًا. إنه يحب المبكرين إليه، إذ قيل: "أنا أحب الذين يحبونني والذين يبكرون إليّ يجدونني" (أم ٨: ١٧). وها هو يبكر إلى أحبائه.
أراد أن يلتقي مع الشعب داخل الهيكل، إذ لم يأتِ لكي يهجر الشعب القديم بل ليهبهم مفاهيم جديدة ونظرة جديدة نحو الناموس والهيكل والعبادة. جلس يعلمهم، بكونه صاحب سلطان، يود أن يجلس الكل معه، ويستقروا معه، يستمعون إلى الحق ويتمتعون به.
اعتاد كبار المعلمين أن يجلسوا أثناء التعليم، إذ يمتد ذلك إلى فترات طويلة، خاصة وان الإنجيلي يوحنا يقول: "جاء إليه جميع الشعب"، فمن جهة فعل "جاء" يحمل استمرارية الحضور، ومن جهة أخرى كلمتا "جميع الشعب" تشيران إلى جموع كثيرة. فكانت الحركة مستمرة ومتزايدة منذ الصباح المبكر (لو ٢١: ٣٨).
"وقدم إليه الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت في زنا،
ولما أقاموها في الوسط". (3)
يرى البعض أنه بسبب انتشار الزنا لم تُعد تطبق الشريعة الخاصة بالمرأة الزانية بأن تحضر أمام الكاهن وتشرب ماء الغيرة (عد ٥: ١٤)، وذلك لأن كثير من الأزواج أيضًا كانوا ساقطين في الزنا.
لاحظ الكتبة والفريسيون تجمع أعداد ضخمة من الشعب حول السيد المسيح يسمعون تعليمه منذ الصباح المبكر، فأرادوا من جانب أن يفسدوا هذه الجلسة بإحضار المرأة الزانية لكي ينشغل الكل بأمرها لا بما يعلم به السيد. ومن جانب آخر أرادوا نصب شبكة له، فإن عفا عنها حُسب كاسرًا للناموس، وإن دانها ينفرون منه كشخصٍ قاسٍ.
"قالوا له:
يا معلم هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل". (4)
يدعونه "يا معلم" بينما في اليوم السابق دعوه مضللاً (٧: ٤٧).
فقد الكتبة والفريسيون جوهر رسالتهم وهو الدخول بكل نفس إلى معرفة مشيئة الله، وتمتع الكل بالحب الإلهي. وصار انشغالهم منصبًا في الحرف القاتل، بغض النظر عن خلاص الإنسان وتمتعه بالشركة العميقة مع الله. لهذا لم يكن صعبًا عليهم أن يجدوا امرأة في حالة تلبس بجريمة الزنا. جاءوا بها إلى السيد، كل منهم يحمل في قلبه حجرًا يروي أعماقه المتعطشة لسفك الدماء، مطالبين في داخلهم برجمها، كما برجم شخصية السيد المسيح.
لم يدركوا أن السيد المسيح، كلمة الله، لن ينقض الناموس لكنه يكمله، فيرفعه من الحرف القاتل إلى الاهتمام ببنيان الداخل وتقديس الأعماق.
ظن الحرفيون في الناموس أنهم حتمًا يتمتعون برؤية المرأة وهي تطرد من الحياة برجمها، إذ لا تستحق الوجود على الأرض، ولا السكنى في بيت، بل تُلقى في حفرة وتنهال عليها الحجارة. ولم يدركوا أنهم جاءوا بها إلى غافر الخطية القدير، الذي وحده يجتذبها من بيت إبليس ويسحبها من منزل الزنا، لا ليعفو عنها، وإنما لتجد في القدوس عريسًا لنفسها، وفي السماء بيت زوجية تستقر فيه.
قصة هذه المرأة الزانية تفتح أمام كل نفس باب الحب الإلهي والرحمة، لتجد ناموس المسيح قانونها الداخلي الجذَّاب، فتنعم بالصوت الإلهي: "إني لم آتِ لأدين العالم بل لأخلص العالم" (يو ٣: ١٧؛ ١٢: ٤٧). فلا تجد من يحكم عليها بالموت الأبدي، بل من يشتريها بالدم الثمين ويهبها برَّه السماوي، ويشفع فيها أمام الآب، ويدخل بها إلى الأحضان الإلهية. تحولت هذه القصة من وقوف في محكمة إلى دخولٍ في عرس أبدي سماوي.
في رسالته عن العذارى إلى إستوخيوم Eustochuim يكتب القديس جيروم مطالبًا إيّاهن أن يتركن بيت أبيهن، أي إبليس، لكي يرتبطن بالعريس السماوي. [ربما تقولين لي: لقد تركت بيت طفولتي، لقد نسيت أبي، ووُلدت من جديد في المسيح، أيّة مكافأة أنالها؟ يُظهر النص ذلك: "يشتهي الملك حُسنك" (مز 45). هذا هو السرّ العظيم. فإنه لهذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويصير الاثنان (ليس كما جاء في النص جسدًا واحدًا)، بل روحًا واحدًا (أف 31:5-32). عريسكن ليس متشامخًا ولا مستخف بكن... إنه يقودكم إلى حجاله بيده الملوكية].
"وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم،
فماذا تقول أنت؟" (5)
لم يأمر موسى بالرجم بل أمرت الشريعة أن يحكم على الزاني والزانية بالموت (لا ٢٠: ١٠؛ تث ٢٢: ٢٢). لكن كانت وسيلة الحكم بالموت في ذلك الحين هي الرجم. إذ كان عطشهم لسفك الدماء ملتهبًا، ورغبتهم في تلفيق تهم خطيرة ضد السيد المسيح ملتهبة، جاءوا بالمرأة ليقدموا قضية غير متكاملة من الجانب القضائي، إذ لم يأتوا بمرتكب الجريمة مع المرأة، ولا أحضروا الشهود. ومع هذا لم يرفض السيد القضية لعدم تكاملها، لكنه حوَّل أنظار الكل إلى عمق الوصية وغاية الناموس الحقيقية.
v
ألحوا عليه بالجواب على سؤالهم الخبيث، إذ قد كان في ظنهم لا يقدر أن يفلت من سؤالهم ذي الحدين. إن حّل الزانية يكون قد تجاوز الناموس وقلب نظام الشريعة، وفتح بابًا للزنا، وإن أمر برجمها يكون قد ابتعد عن دعته وحلمه، إلا أن السيد المسيح الذي لم يزل حليمًا، ولا ابتعد عن شفقته، ولا علّم ضد الناموس، لكنه حامى عن الناموس، ولم يفنده، ولم يفسخه، وأنقذ المرأة من القتل.
القديس يوحنا الذهبي الفم
"قالوا هذا ليجربوه، لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه،
وأما يسوع فانحنى إلى أسفل،
وكان يكتب بإصبعه على الأرض". (6)
جاءوا إليه كقاضٍ يجب أن يحكم بالناموس وإلاَّ حُسب كاسرًا للناموس، ومجدفًا يستحق هو الرجم، ولم يدركوا أن المعزي السماوي. حقا إنه الديان الإلهي لكنه في نفس الوقت المحامي الذي يطلب الخطاة ويطرد الخطية.
كتب "بإصبعه على الأرض"، هذا الذي سبق فكتب الوصايا العشرة بإصبعه على حجارة، وسلمها لموسى، يكتب بإصبعه على الأرض ليكتشف الكل أنهم كسروا الوصية، وعاجزون عن تنفيذ الرجم لأنهم خطاة ومستحقون الموت. إنه لا يزال يكتب على أرض قلوبنا، ليحول ترابها الفاسد إلى سماء مقدسة. يكتب بروحه القدوس (بإصبعه) ليكمل الناموس؛ نكتشف خطايانا فلا ننشغل بخطايا الآخرين، بل بخلاصنا وخلاصهم. يسجل بإصبعه عمل الحب فينا!
لو أنه حكم عليها بالموت لاشتكوه لبيلاطس أنه أصدر حكمًا بالموت، الأمر الذي نُزع من القيادات الدينية وصار في سلطان الحاكم الروماني وحده. هذا وأن القانون الروماني لم يكن يحكم بالموت بسبب الزنا. وإن عفا عنها يُتهم بأنه يسمح بالتسيب وعدم الحزم بخصوص العفة والطهارة، بجانب كسره للناموس.
لم يطلبوا مشورته عن إخلاص لمعرفة الحق، وإنما ليجربوه، لهذا لم يستحقوا أن ينالوا إجابة صريحة، وإنما أن يكشف لهم عما في قلوبهم وأفكارهم وما ارتكبوه سرًا، فصاروا في عارٍ دون أن يعرف أحدهم ما فعله الآخر. لقد ستر عليهم ولم يوبخهم مجاهرة.
v
"قالوا هذا ليجربوه، لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه،
وأما يسوع فانحنى إلى أسفل،
وكان يكتب بإصبعه على الأرض". (6)
جاءوا إليه كقاضٍ يجب أن يحكم بالناموس وإلاَّ حُسب كاسرًا للناموس، ومجدفًا يستحق هو الرجم، ولم يدركوا أن المعزي السماوي. حقا إنه الديان الإلهي لكنه في نفس الوقت المحامي الذي يطلب الخطاة ويطرد الخطية.
كتب "بإصبعه على الأرض"، هذا الذي سبق فكتب الوصايا العشرة بإصبعه على حجارة، وسلمها لموسى، يكتب بإصبعه على الأرض ليكتشف الكل أنهم كسروا الوصية، وعاجزون عن تنفيذ الرجم لأنهم خطاة ومستحقون الموت. إنه لا يزال يكتب على أرض قلوبنا، ليحول ترابها الفاسد إلى سماء مقدسة. يكتب بروحه القدوس (بإصبعه) ليكمل الناموس؛ نكتشف خطايانا فلا ننشغل بخطايا الآخرين، بل بخلاصنا وخلاصهم. يسجل بإصبعه عمل الحب فينا!
لو أنه حكم عليها بالموت لاشتكوه لبيلاطس أنه أصدر حكمًا بالموت، الأمر الذي نُزع من القيادات الدينية وصار في سلطان الحاكم الروماني وحده. هذا وأن القانون الروماني لم يكن يحكم بالموت بسبب الزنا. وإن عفا عنها يُتهم بأنه يسمح بالتسيب وعدم الحزم بخصوص العفة والطهارة، بجانب كسره للناموس.
لم يطلبوا مشورته عن إخلاص لمعرفة الحق، وإنما ليجربوه، لهذا لم يستحقوا أن ينالوا إجابة صريحة، وإنما أن يكشف لهم عما في قلوبهم وأفكارهم وما ارتكبوه سرًا، فصاروا في عارٍ دون أن يعرف أحدهم ما فعله الآخر. لقد ستر عليهم ولم يوبخهم مجاهرة.
v
إن سألت: ماذا كتب السيد المسيح على الأرض؟ أجبتك: يُحتمل أنه قد رسم شيئًا يسبب حياءً وخجلاً للكتبة والفريسيين، وتبكيتًا لخطاياهم.
منقول
منقول