رسالة بولس الرسول إلى فليمون
اولا:مقدمة:
+الرسالة إلى فليمون هي إحدى رسائل العهد الجديد التي تنسب إلى الرسول بولس ، وهي إحدى الرسائل الرعوية – الرسائل الموجهة إلى تيموثاوس و تيطس و فليمون –أي الرسائل التي كتبت لإرشاد وتشجيع راع كنيسة ما . وتصنف أيضا ضمن الرسائل التي كتبها بولس خلال وجوده في السجن لأول مرة في روما ( الرسالة إلى أهل أفسس ، الرسالة إلى أهل فيلبي ، الرسالة إلى أهل كولوسي و الرسالة إلى فليمون ) ، فتكون بذلك قد كتبت ما بين العام 61 إلى 63 م . تعتبر هذه الرسالة أصغر رسائل بولس فعدد كلماتها في النص اليوناني الأصلي هو 335 كلمة و 25 آية وتتألف من إصحاح واحد .
+هذه رسالة شخصية وجهها الرسول بولس إلي صديقه فليمون من أجل عبده الهارب أنسيمس الذي التقي بالرسول في روما وآمن علي يده وتاب وأعتمد وبعد فترة أعاده الرسول ومعه هذه الرسالة. وهي رسالة مملوءة حباً وحملت تطبيقا عمليا للمبادئ المسيحية. نري فيها الرسول في انشغاله بالخدمة وبمشكلة العبد أنسيمس مع سيده فليمون ينس آلامه هو الشخصية وانه مسجون، لكن يفيض من حبه لكل من فليمون وأنسيمس.
+كان يكفي أن يكتب الرسالة دون أن يرسل العبد، لكنه أراد أن يهب فليمون فرصة التسامح الاختياري فيكون إكليله أعظم، ونري محبة بولس التي تتضح في أنه لا يأمر بسلطان بل في انسحاق، وقبل أن يطلب حقه تجاه فليمون يفيض عليه بالحب، ويترك له القرار.
+هنا نري الرسول بولس يهدم مبدأ العبودية ويصير العبد أخاً، العبد نظير الحر، فلقد اشتري المسيح كلاهما بدمه وحرر كلاهما، وصارا كلاهما إبنان لله على قدم المساواة، لكن بولس لم يهدم مبدأ العبودية خلال ثورة علي القوانين القائمة بل خلال المحبة المسيحية، فليمون سامح أنسيمس وأعطاه الحرية.
فليمون :
+ فليمون-اسم يوناني معناه محبوب- لم يكن يهوديا ولد فى لاودوكية وسكن فى كولوسى كان غنيا من أشراف كولوسى وكان تاجرارومانيا وثنيا دائم التجوال بين مدينة أفسس التجارية لشراء السلع وبيعها ولعقد صفقات ضخمة .
+ في أحدي جولاته التقي بالرسول بولس أثناء رحلته الثالثه) أع 19 : 10 ) وهو ينادي بدعوته في مدرسة
تيرانس (أحد الفلاسفة اليهود الذين أعتنقوا المسيحية علي يد بولس الرسول ) وآمن علي يديه … وان كان
البعض يري انه آمن علي يدي أبفراس تلميذه .
+ تحلى بالتقوى وحول قصره العظيم إلي كنيسة تقام فيها الصلوات ، وكان له ثروة عظيمة عاش مع
أبفيه زوجته ومعنى اسمها (العزيزة أو المثمرة) وأبنه أرخبس الاسقف ومعنى اسمه (المتسلط على الخيل).
+ سيم أسقفا علي كولوسى .
استشهاد أرخبس وفليمون وأبفية:
هجم الوثنيون عليهم وعذبوهم بوضع مسامير محماة في النار فى جُنوبهم ثم طرحوا أرخبس في حفرة ورجموه حتى اسلم روحه الطاهرة.أما القديسان فليمون وابفيه فقد عذبا عذابات كثيرة حتى اسلما الروح يوم 25 امشير.
أنسيمس :
+ عبد فليمون الذي اشتراه بسبب ذكائه وقوته وأعطاه أسم انسيمس"أي نافع" باليونانية وكان واحداً من عبيد العالم القابعين تحت قبضة سادتهم. ففي سنة 300 ق.م. كان هناك 21000 مواطن في أثينا وحدها يملكون حوالي 400000 من العبيد. ولم تختلف هذه النسبة كثيراً في أيام الإمبراطورية الرومانية وقت كتابة هذه الرسالة، فكان السيد الروماني يملك من 10 إلى 200 عبداً ، وكان البعض يملكون ألفاً أو أكثر الذين لم يكن لهم أي حقوق في الحياة أو الحرية. إلا انه سرق من سيده فليمون بعض الأشياء ربما مالا و هرب إلى روما ، هناك التقي بالرسول )عندما كان في سجنه الأول في روما(وآمن علي يديه وصار نافعا للرسول في خدمته لكنه أعاده إلى سيده يحمل هذه الرسالة ، حتى يعفو عنه سيده اختياريا ، ويقوم الرسول بتسديد ثمن المسروقات .
+جاء في السنكسار يوم21 أمشير أنه استحق أن يقدم كاهنا وقيل إنه صار أسقفا على بيرية(الكنيسةالمسيحية في عصر الرسل الأنبا يوأنس ص151 بالطبعة الأولى، ص193 بالطبعةالثالثة(.
استشهاد انسيمس
ذكر يوم 21 أمشير: قبض عليه بعد استشهاد القديس بولس، ونفي إلى إحدى الجزر فمكث هناك يعلم ويعمد، + فضربه حاكم الجزيرة ضربا موجعا، ثم كسر ساقيه فتنيح بسلام
ثانيا:تقسيم الرسالة
1- تعبد 1 :7.............. أ- نعمة وسلام 1-7
ب- شكر الله 4 ،5
ج- صلاة الرسول بولس 6 ،7
2- توسل 8 :16................ أ- صفات فليمون 8 ،9
ب- تغيير انسيمس 10 -14
ج- العناية الاهية 15 ،16
3- تاكيد 17 :25............................ أ - شراكة مع الرسول 17 :19
ب- ثقة الرسول 20 :22
ج- تحيات الرسول 23 :25
*****************************
ثالثا:شرح الآيات
آيات 1-3 :- بولس أسير يسوع المسيح و تيموثاوس الأخ إلى فليمون المحبوب و العامل معنا. و إلى أبفية المحبوبة و ارخبس المتجند معنا و إلى الكنيسة التي في بيتك. نعمة لكم و سلام من الله أبينا و الرب يسوع المسيح.
+بولس أسير يسوع ........ أنه يفتخر بآلآمه التي قبلها لأجل المسيح. وبقوله أسير يثير حنو قلب فليمون تجاه بولس ليكون لكلماته قوة ويسامح أنسيمس، وأيضا فهو أسير ويعلن بهذا مشاركته للعبد فيما يستحقه من اسرْ ولم يذكر أنه رسول فهو يستخدم أسلوب الحب لا السلطان. وإن كان بولس قد خسر حريته لأجل المسيح ألا يخسر فليمون شيئاً لأجل المسيح ويسامح عبده.
+يفتخر بولس بأسره، لأن هذا هو عمل المشاركة مع ربنا يسوع أن يحتمل الإنسان الآلام والأتعاب معه. وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم [عظيم هو لقب الرسول هذا، فإنه لم يذكر سلطانه أو قوته بل القيود والسلاسل!... إن أمورًا كثيرة جعلت منه إنسانًا مرموقًا مثل اختطافه إلى السماء الثالثة، لكنه لم يشر إلى ذلك بل استعاض عنه بالسلاسل!... فمن عادة المحبّين أن يتمجّدوا بما يتألّمون به من أجل محبوبيهم أكثر من أن يتمجّدوا بما يتقبّلونه منهم! ليس للملك أن يتمجّد بتاجه أكثر مما يتمجّد به بولس بقيوده!]
بهذا الافتخار يبعث الرسول في فليمون الشوق إلى احتمال الخسارة والمتاعب التي لحقت من أنسيم س بفرح من أجل الرب !
+وتيموثاوس ............. كأنه يشرك معه تيموثاوس في طلبه العفو عن انسيمس.
+إلى فليمون المحبوب والعامل معنا........... هي رسالة صديق لصديقه وهو لا يقول هذا من أجل إشباع غرور فليمون أو إرضائه بل لأنه ينظر دائماً إلى الجانب المضيء الجيد في حياة من يتعامل معهم.ولانه شريك في العمل إذ هو ملتزم بأن يسلك بروح رسولية كخادم ناضج، ويبحث عن خلاص كل نفس. وبالتالي يهتم بنفس انسيمس. وربّما كان قد سيم أسقفًا في ذلك الوقت.
+و إلى أبفية المحبوبة و ارخبس المتجند معنا و إلى الكنيسة التي في بيتك............ وهي رسالة إلى أسرة مسيحية تقية من أسر مدينة كولوسي: الرجل (فليمون) ، وزوجته (أبفية) ، وابنهما (أرخبس).ويهتم بابن فليمون "أرخبس المتجنّد معنا"، فمع صغر سنه ومع كونه شماسًا أو ربّما كاهنًا، لكن الرسول يدرك أنه متجنّد معه في ذات العمل. إنه يشجعه أن يحارب كجندي صالح. فهو متجنّد مع بولس الرسول، بل ومع الكنيسة كلها تحت قيادة ربنا يسوع، ليصارع الكل بقلبٍ واحدٍ ضد أجناد الشرّ الروحيّة في السماويّات أي إبليس وجنوده.
وربما كان بيتهم كنيسة صغيرة بالمعنى الحرفي حيث تقام بها الخدمة الكنسية فعلياً. أو بمعناه المجازي حيث أن كل أسرة مسيحية مباركة هي كنيسة صغيرة. نواة لكنيسة المسيح المجيدة. ويقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن من بين أعضاء الكنيسة من هم عبيد لفليمون، لهذا كان لائقًا أن يبحث عن أنسيمس العبد الهارب ويفرح به عندما يعود عضوًا فيها.
وربما كان واحداً من أهم أسباب الضعف الروحي في حياتنا هو اختفاء كنيسة المنزل والمذبح العائلي حينما تلتف الأسرة حول عريسها السماوي تتمتع بالحديث معه في الصلاة والاستماع من خلال الكتاب المقدس.
+نعمة وسلام .......... يختم الرسول افتتاحيّته بالسلام الرسولي، أي السلام الإلهي الموهوب لنا خلال رسله وكهنته. بدأ بالنعمة، قائلاً: "نعمة لكم"، حتى كما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم "تتذكّر نعمة اللَّه الغافرة لنا عن العشرة آلاف وزنة فنتسامح نحن عن الوزنات القليلة التي لنا لدى أمثال أنسيمس. وبهذا نتأهل للسلام الإلهي إذ نتشبّهبملك السلام". ويذكره بالنعمة الغافرة التي للمسيح ليغفر هو أيضا لأنسيمس فيمتلئ سلاماً.
آيات 4 – 6 :- أشكر إلهي كل حين ذاكراً إياك في صلواتي. سامعاًً بمحبتك و الإيمان الذي لك نحو الرب يسوع و لجميع القديسين. لكي تكون شركة إيمانك فعالة في معرفة كل الصلاح الذي فيكم لأجل المسيح يسوع.
+ اعتاد الرسول أن يسلك بروح السيد المسيح، لذا نجده قبل أن يأمر فليمون بشيء يفيض عليه بالحب. وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [إنه يعطيه قبل أن يأخذ منه، يهبه عطفًا قبلما يطالبه بعطف أقل. وبهذا يخجّله من أن يرفض له طلبًا.]
+أشكر إلهي كل حين................. إعجابه به جعله يشكر إلهه كل حين بسببه، وهكذا تحوّل السجن بما فيه من آلام إلى خلوة يقدّم فيها الرسول التشكّرات والتسابيح لله من أجل نعمه على الكنيسة.
+سامعاً بمحبتك والإيمان.............. هذا الإيمان هو سبب المحبة لجميع القديسين. هي رسالة إلى شخص محب ومؤمن ، له هذه الصفات الرائعة نحو الرب وجميع القديسين أعضاء جسد المسيح حتى أن الرسول سمع بها رغم بعد المسافة بينهما واهتم أن يصلي إلى الله شاكراً إياه من أجلها وأن يزيده الله صلاحاً وفاعلية.
+لكي تكون شركة إيمانك................. هو يصلي ليكون إيمانه نشيطاً، تنتقل فعاليته، ربما بالمثل أو بالحث إلي الآخرين، الذين يشاهدون تقواه ويقرون بمحبته فيتمثلوا به.
+كل الصلاح.................. هذه مقدمة من بولس لفليمون حتي يظهر الصلاح الذي فيه فيعفو عن أنسيمس.
آية 7 :- لان لنا فرحا كثيرا و تعزية بسبب محبتك لآن أحشاء القديسين قد إستراحت بك أيها الأخ.
+يا لعذوبة حب الكنيسة ووحدتها، فإنها تفرح كثيراً وتتعزي بمحبة رعاتها ورعيتها ونموهم الروحي.
+ويعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم قائلاً "القدّيسين أشبه بأطفال مغرمين بحب والديهم، فإذ يشعرون بمحبّة أبيهم "فليمون" الذي يعمل بإيمانٍ وحبٍ، يفرحون وتستريح أحشاؤهم به."
آية 8 :- لذلك و أن كان لي بالمسيح ثقة كثيرة ان أمرك بما يليق.
+إنه بالمسيح لا يطلب فقط بل يأمر. أن هذه تفهم أنه بالسلطان الذي لي من المسيح آمرك بكذا. ولكن بمقارنة آيات 7، 8، 9 ومن روح الرسالة نفهم أن المعني هو من أجل المسيح ومن أجل محبتك التى هي ظاهرة (آية 7) ومن أجل أن هذا هو ما يليق ومن أجل المحبة (آية 9) آمر. إذاً هو أمر في المحبة أو بالمحبة، محبة المسيح.
آيه 9 :- من أجل المحبة أطلب بالحري إذ أنا إنسان هكذا نظير بولس الشيخ و الآن أسير يسوع المسيح أيضاً.
+بولس الشيخ............ هنا كلمة شيخ Presbyterتعني السلطان الكهنوتي الأبوي، فقد كان في حوالي الستين من عمره حينما كتب هذه الرسالة وكان مقيداً في سجون روماً ليس من أجل شر أقترفه أو عمل يخجل من ذكره بل من أجل البشارة بالإنجيل. وهل يستطيع أحد مهما كان أن يرفض طلباً لشخص له مثل هذه المواصفات؟ هي محبة أبوية من بولس لأبنه فليمون، ويريد من إبنه أن لا يضيع فرصة نظير هذه ليعمل خيراً ويعفو ويغفر لمن قد صار أخيه في المسيح.
آية 10 :- أطلب إليك لأجل إبني انسيمس الذي ولدته في قيودي.
+ما يبهج قلب فليمون أن انسيمس صار مسيحيا وإعتمد، فصار إبناً لبولس كما أن فليمون ابن لبولس من قبل، وما يعطي كرامة لأنسيمس أن بولس ولده وهو في السجن.
وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم "ولده أثناء معركة قاسية، أثناء محاكمته من أجل الرب، لذلك فهو ابن مستحق الكرامة وله دالة أعظم."
ويعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم على قول الرسول: "أطلب إليك لأجل ابني أنسيموس الذي ولدته في قيودي" [10]، إنه لم يقل هذا لأجل إخجال فليمون، ولا لإخماد غضبه، بل ليبهجه! فتوبة أنسيموس وإيمانه وعماده أثناء سجن بولس أمر مبهج لا لفليمون وحده بل وللكنيسة كلها!
+ومن الجميل في هذه الرسالة أن الرسول بولس قد امتنع عن استخدام سلطانه الرسول من أجل حل هذه المشكلة ، ولكنه كدارس متميز للطبيعة البشرية قام باستعطاف فليمون بدلاً من أن يأمره، رافعاً من شأن أنسيمس إلى مرتبة الابن الذي ولده بينما هو مقيد من أجل اسم المسيح.
آية 11 :- الذي كان قبلا غير نافع لك و لكنه الآن نافع لك و لي.
+ثم يستخدم الرسول بلاغته اللغوية حينما يتحدث عن أنسيموس Onhsimov ومعنى اسمه نافع فيقول أنه "كان قبلاً غير نافع لك ولكنه الآن نافع لك ولي" وهذا هو عمل السيد المسيح في النفوس الغير نافعة فيحولها بقوته ونعمته إلى نفوس نافعة تأتي بثمار ثلاثون وستون ومائة.وبولس يريد أن يقول أنه اصبح اسما علي مسمى وقد صار مستحقا للمديح فعلا.
آية 12 :- الذي رددته فاقبله الذي هو أحشائي.
+الذي هو أحشائي الذي رددته......... لقد شعر أنسيمس أنه أخطأ في حق فليمون، وطلب إليه بولس أن يعود ليصالح سيده. وكلمة أحشائى تشير أننى أحبه من داخلي، لقد صار شخصاً جديداً.
هنا يخرج القدّيس يوحنا الذهبي الفم النتيجة التالية: [إن كنّا سادة فيليق بنا ألاَّ نيأس من خدمنا، فنقسو عليهم بشدّة، بل نتعلّم العفو عن إساءاتهم... كذلك لم يخجل بولس من أن يدعو العبد ابنه وأحشاءه وأخاه ومحبوبه، فيليق بنا ألاَّ نخجل منهم.............ولماذا أقول بولس؟! فإن رب بولس لم يخجل من أن يدعونا نحن عبيده إخوته... ليرى كيف كرّمنا فدعانا عبيده وإخوته وأصدقاءه ووارثين معه، وأننا نظهر بجواره، ونُحسب عاملين معه، بل أن السيّد نفسه يعمل ليكون عبدًا! اسمع وارتعد!]
آيات 13، 14 :- الذي كنت أشاء أن أمسكه عندي لكي يخدمني عوضا عنك في قيود الإنجيل. و لكن بدون رأيك لم أرد أن أفعل شيئا لكي لا يكون خيرك كأنه على سبيل الإضطرار بل على سبيل الإختيار.
+أنه كراع صالح لا يفوت الفرصة علي فليمون أن يعفو عن أنسيمس بإرادته واختياره، الله لا يًلزِمْ أحداً بصنع الخير بل يعطي للكل حرية الإرادة، وهكذا عمل بولس مع فليمون. والله يعطى مع حرية الإرادة إمكانية الإرادة الصالحة والعمل الصالح، هو بنعمته يسندنا ويعيننا، يبدأ معنا الطريق ويسير معنا ويكمله دون أن يقهرنا علي ذلك قهراً.
آيات 15، 16 :- لأنه ربما لأجل هذا افترق عنك إلى ساعة لكي يكون لك الى الآبد. لا كعبد في ما بعد بل أفضل من عبد أخا محبوبا و لا سيما إلي فكم بالحري إليك في الجسد و الرب جميعا.
+حقا كل الأمور تعمل معاً للخير، فهروب أنسيمس قاده للإيمان، وصار أخاً لفليمون. ولكن الهروب نفسه ليس عمل صالح لكن الله قادر أن يخرج من الآكل أكل. وبهذا إرتبط انسيمس مع فليمون لا في علاقات زمنية بل في أخوة مملوءة حباً فيصير لفليمون إلي الأبد لا تفرقه عنه أحداث أو حتي الموت. ولاحظ كلمات بولس الرسول المملوءة حكمه لكي يخفف من حدة الموقف علي فليمون يقول له ربما ولكي يراعي مشاعر انسيمس لا يقول هرب بل يقول إفترق عنك.
+كما نرى أن طريقة الرسول بولس في معالجته لقضية العبد السارق تشبه - مع الفارق – طريقة السيد المسيح في تعامله مع خطايانا. فلم يقلل بولس من خطأ أنسيمس ولكنه طلب من فليمون أن يسامحه على أساس المحبة المتبادلة بينهما كما تعهد أن يقوم بسداد الدين بالكامل. وهذه هي رسالة الإنجيل أن المسيح – له كل المجد – حمل خطايانا وأخذ مكاننا ومات عنا وقام ليهبنا الحياة الأبدية ، لا كعبيد بل كأبناء أحباء.
آية 17 :- فان كنت تحسبني شريكا فاقبله نظيري.
+نظيري........... أنني احبه كنفسى، فإذا قبلته كأنك قبلتني.
آية 18 :- ثم ان كان قد ظلمك بشيء او لك عليه دين فاحسب ذلك عليَ.
+نحن شركاء، لذلك ما عليه أنا أوفيه حتي في فترة ما قبل إيمانه.
آية 19 :- أنا بولس كتبت بيدي. أنا أوفي حتى لا أقول لك انك مديون لي بنفسك أيضا.
+أنا قد عرفتك طريق الحياة، فأنت مديون لي بنفسك.
آية 20 :- نعم أيها الأخ ليكن لي فرح بك في الرب أرح أحشائي في الرب.
+سيفرح بفليمون إذ يري ثمار محبته في عفوه عن عبده انسيمس.
آية 21 :- إذ انا واثق بإطاعتك كتبت إليك عالما أنك تفعل أيضا أكثر مما أقول.
+وهكذا كانت المسيحية تعمل لا بثورات دموية لتحرير العبيد بل بخميرة الحب والإخاء في المسيح.
آية 22 :- و مع هذا أعدد لي أيضا منزلا لأني أرجو أنني بصلواتكم سأوهب لكم.
+كان الرسول يتوقع الإفراج عنه وُتّرد إليه حريته (أوهب لكم)، ويطلب إعداد منزل له حين يخرج، وكأنه لا ينتظر رداً في أمر انسيمس إذ يثق في طاعة فليمون ومحبته.
آيات 23، 24 :- يسلم عليك أبفراس المأسور معي في المسيح يسوع. و مرقس وأرسترخس وديماس و لوقا العاملون معي.
يقدم له سلام الخدام العاملين معه، ولعله في ذكرهم إستشفاع بهم في أمر أنسيمس. كما يحمل وحدة الكنيسة الجامعة ومحبة الخدام لبعضهم البعض.
+ابفراس المأسور معي...........غالباً يقصد في المسيح يسوع، أو ربما قبل ابفراس من محبته في بولس الرسول أن يسجن معه.
+مرقس..............يقول عنه القديس إيرونيموس أنه مار مرقس الإنجيل.
+ديماس............. الذي ترك بولس في أسره الثاني 2تي : 24.
+لوقا........... الإنجيلي كاتب أعمال الرسل.
آية 25 نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم امين الى فليمون كتبت من رومية على يد انسيمس الخادم.
أخيرًا يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم [إنه ختم رسالته بصلاة التي هي أعظم شيء نافع، والتي هي حياة أرواحنا]، إذ قال "نعمة ربّنا يسوع المسيح مع روحكم. آمين". هذه النعمة التي يمنحها ربنا يسوع، والتي تعمل في القلب، فيمتلئ حبًا نحو الجميع، وهي التي تربط المؤمن بالرب يسوع مصدر حياته، وتربطه مع إخوته في وحدانيّة الروح برباط عائلي سماوي، وهي التي تسند الراعي والرعيّة في كل عمل صالح لهذا بدأ بها الرسول سلامه الافتتاحي وختم بها رسالته.
ليعطنا الرب أن نستند على نعمته في أحاديثنا وكتاباتنا وصمتنا وأعمالنا وكل تصرفاتنا، إذ بدونها لا يتقدس عمل ما.
+++++++++++++++++
رابعا:شواهد مقتبسة من العهد القديم و الجديد في الرسالة
فل 15 =تك 45 : 5 ،8
فل 2 = رومية 16 :5 ،1كو 16 :19 وكو 4 :5
فل 7 = 2كو7 :13 ،2تى 1 :16
فل 14 = 1كو 16 ،17 ,فى 2 :2
+++++++++++++++++
خامسا:أكتشافات أثرية
توجد الان فى تركيا قرية تسمى خونى بها آثار كولوسى التى كان يعيش فيها فليمون واسرته وهذه القرية على بعد 3 اميال من كولوسى القديمة وتقع على نهر ليكوس بالقرب من التقاؤه باحد فروعه المدعو مينادور على بعد 12 ميل من لاودوكية.