لالا تقتلوا المحبة
" "مأخوذة عن رعیتي ٢٠٠٦ العدد ١٣
سَرَدَ أحد الآباء القدیسین ھذه القصة لأولاده الروحیین:" "مأخوذة عن رعیتي ٢٠٠٦ العدد ١٣
منذ زمان بعید، كانت تعیش فتاة، تزوَّجت وذھبت إلى بیت حماتھا ل تعیش
مع زوجھا في بیت أسرتھ، حسب عادة تلك البلاد.
لم یمض وقت طویل حتى وجدت الفتاة أنھا لم تعُد قادرة على المعیشة مع
حماتھا على الإطلاق. فإنھا وجدت أن شخصیتھا لا تتناسب معھا، بل تختلف كل
الاختلاف عنھا. وكانت الفتاة تغضب من كثیر من عادات حماتھا، بالإضافة إلى أن
حماتھا كانت تنتقدھا دائماً.
مرَّت الأیام، وعَبَرَت الأسابیع، والفتاة وحماتھا لا تكفُّان عن العراك والجدال.
ولكن، ما جعل الأمر أسوأ وأسوأ ھو أنھ، بحسب تقالید تلك البلاد، یجب على الكنَّة
(زوجة الابن) أن تخضع لحماتھا وتطیعھا في كل شيء. وقد تسبَّب كل ھذا
الغضب والشقاء لزوجھا بالحزن والألم الشدیدین. أخیراً، وجدت الفتاة أنھ لا یمكنھا
أن تقف ھكذا في مواجھة سوء أخلاق حماتھا وتحكُمھا في ما بعد، فقررت أن تفعل
أي شيء لتلافي ذلك.
وفي الیوم التالي توجَّھت إلى صدیق حمیم لوالدھا، تاجر أعشاب طبیة في
القریة التي تعیش فیھا. أخبرتھا بكل الوضع وسألتھ إن كان یمكنھ أن یعطیھا بعض
الأعشاب السامة حتى تحل مشكلتھا مع حماتھا مرة واحدة وإلى الأبد. فكَّر الصدیق
ملیا برھة من الزمن، وأخیراً قال: "سوف أساعدك على حل مشكلتك، ولكن علیكِ
أن تنصتي لِمَا أقولھ لكِ وتطیعیني.
فردَّت علیھ: "حاضر، سوف أفعل كل ما تقولھ لي."
دخل الرجل إلى الغرفة الداخلیة لدكانھ، ورجع بعد عدة دقائق حاملاً رزمة
من الأعشاب، وقال لھا: "انظري، أنتِ لا تستطیعین استخدام سمٍّ سریع المفعول
لتتخلَّصي من حماتكِ، لأن ذلك سوف یثیر الشك في نفوس أھل القریة. لذلك
أعطیتكِ بعض الأعشاب التي تبني السموم في جسمھا. وعلیكِ یوماً دون یومٍ أن
تُعدِّي لحماتك أكلة لذیذة الطعم وتضعي فیھا قلیلاً من ھذه الأعشاب في إناء الطبخ.
صفحة ٢ من ٢
ولكي تتأكَّدي من أنھ لن یشكَّ فیكِ أحد حینما تموت، فلا بد أن تكوني واعیة جداً
وأن تتصرفي معھا بطریقة ودیة جداً. فلا تُجادلیھا، بل أطیعیھا في كل رغباتھا،
وعاملیھا كأنھا ملكة البیت!"
سُرَّت الفتاة جداً، وشكرت صدیق والدھا، وأسرعت إلى البیت لتبدأ خطة
القتل لحماتھا! ومرت الأسابیع، وتتابعت الشھور، وھي تُعِدُّ الطعام الخاص الممتاز
كل یومین لحماتھا، وتعاملھا كأنھا أُمھا.
بعد مرور ستة أشھر، تغیَّر كل شيء في البیت. فقد بدأت الفتاة تمارس
ضبطھا لغضبھا من حماتھا، حتى إنھا وجدت أنھا لم تعُد تتصرَّف معھا بحماقة أو
بغضب. وحماتھا بدأت تعاملھا بحنوٍّ أكثر وبتبسُّطٍ أكثر. بدأت تحبھا. لم تعد الفتاة
تدخل في مجادلات مع حماتھا. وحماتھا اعتبرتھا كأنھ ابنتھا! بل صارت تحكي
لصدیقاتھا وأقاربھا أنھ لا توجد كنَّة أفضل منھا. وبدأت الفتاة مع حماتھا تتعاملان
معاً كأُم حقیقیة مع ابنة حقیقیة! أما زوجھا فعاد سعیداً جداً وھو یرى ما یحدث.
لكن الفتاة كانت منزعجة من شيء ما. فتوجَّھت إلى صدیق والدھا وقالت لھ:
"سیدي، أرجوك أن تساعدني لتجعل السمَّ الذي أعطیتھ لي لا یقتل حماتي! فقد
تغیَّرتْ إلى سیدة طیبة، وصرتُ أحبھا كأنھا أُمي. أنا لا أُریدھا أن تموت بالسمِّ
الذي وضعتھ لھا في الطعام.
ابتسم الصدیق وأطرق برأسھ قلیلاً ثم قال لھا: "أنا لم أعطِكِ سما، فالأعشاب
التي أعطیتھا لكِ كانت فیتامینات لتقویة صحتھا. السمُّ الوحید كان في ذھنكِ أنتِ
وفي مشاعرك تجاھھا. ولكن كل ھذا قد زال بمحبتكِ التي قدَّمتِھا لھا.
ألا یحدث مثل ھذا الخلاف والشقاق في بیوتنا وكنائسنا وبین أفراد عائلاتنا
ورجال كنائسنا؟! وھذا ھو العلاج: "المحبة!"
فلننصتْ ونُطِعْ كلمات الوحي الإلھي لنا جمیعاً، ونضعھا موضع التنفیذ:
"لیُرفع من بینكم كل مرارة وسخط وغضب وصیاح وتجدیف مع كل خبث. وكونوا
لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقین مُتسامحین كما سامحكم الله أیضًا في المسیح"
(٣٢-٣١ : (افسس