الإيمان والصداقة الإلهية
جاء السيد المسيح يبحث عنّا كراعٍ يطلب خروفه الضال ليحتضنه، ويرتفع به إلى سماواته، وكأب يطلب ابنه الضال ليُقيم له وليمة مفرحة، ويسأل عروسه الكنيسة أن تجدّ في البحث عنّا كدرهمٍ مفقودٍ حتى تجدنا وتغسلنا بدمه فنحمل صورته الإلهية (ص 15). ومن جانبنا كما رأينا في الأصحاح السابق يلزمنا لكي نقبل هذه الصداقة أن نسلك بحكمة طالبين ما هو لبنياننا في الحياة الأبدية، لا اللذة الوقتية (مثل الوكيل الظالم)، محتملين الآلام بشكر كلعازر المسكين غير ممتثلين بالغني في انغماسه بالملذات وقساوة قلبه على أخيه. الآن يقدم لنا العنصر الأساسي لهذه الصداقة وهو الإيمان، مترجمًا عمليًا في حياتنا خلال الحياة الواقعية السلوكية، والواقع الداخلي في النفس وترقب مجيء الرب.
1. تجنب العثرات في سلوكنا 1-2.
2. اتساع القلب للمخطئين إلينا 3-4.
3. زد إيماننا 5-10.
4. الشكر والإيمان ـ (العشرة برّص) 11-19.
5. الإيمان بالملكوت الداخلي 20-21.
6. بين الملكوت الداخلي والأخروي 22-37.
1.تجنب العثرات في سلوكنا
تقوم صداقتنا مع السيد المسيح على الشركة الخفية داخل القلب، خلالها ننعم بالحياة الجديدة بروحه القدوس. هذه الشركة تتجلى عمليًا في سلوكنا الواقعي، خاصة في تجنب العثرات باتساع القلب بالحب، خاصة للمخطئين. فنعلن عن مسيحنا محب البشر الذي أحبنا ونحن بعد أعداء وصالحنا مع أبيه (رو 5: 10)، بحبنا حتى للمقاومين لنا. أما بالنسبة لتجنب العثرة، فيقول الإنجيلي:
"وقال لتلاميذه لا يمكن إلاّ أن تأتي العثرات،
ولكن ويل للذي تأتي بواسطته.
خير له لو طوق عنقه بحجر رحى، وطُرح في البحر،
من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار" [1-2].
يؤكد السيد المسيح أن العثرة قائمة، ولكن تأكيده لا يعفي المعثرين من الدينونة أو المسئولية، إذ لا يلزم أحدًا أن يكون عثرة، إنما هو طبيب يشَّخص المرض، فيرى في البشرية من رفض منهم الطعام تمامًا برفضه الإيمان به، فينحدر إلى الهلاك ويكون عثرة للآخرين.
جاء هذا الحديث بعد أن كشف السيد المسيح عن عثرة المال، الذي عبده الفريسيون في قلوبهم الداخلية، فحملوا إلهًا غير الله، وصاروا عثرة في طريق الخلاص. وكأن السيد المسيح إذ عالج في الأصحاح السابق موضوع "محبة المال"، سأل تلاميذه أن يحترزوا من هذا الإله المعّثر للنفس، لئلا يصيروا كالفريسيين عثرة للشعب.
v ما هي العثرات التي يشير إليها المسيح التي لابد أن تحدث؟ يوجد نوعان من العثرات: عثرات ضد مجد الكائن الأعظم، تقاوم جوهره ذاك الذي هو فوق الكل... أما العثرات الأخرى فتحدث من حين إلى آخر ضد أنفسنا، كل ما تجلبه هو ضرر الإخوة شركائنا في الإيمان.
الهرطقات التي تظهر، والبدع التي تقاوم الحق، في الحقيقة هي عثرات تقاوم مجد اللاهوت الأسمى، إذ تسحب الذين اصطادهم (الله) لتفسد استقامة تعاليمهم المقدسة الدقيقة. عن مثل هذه العثرات يقول المخلص نفسه: "ويل للعالم من العثرات" (مت 18: 7)، فلابد أن تأتي العثرات، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة. مثل هذه العثرات التي يبثها الهراطقة الأشرار لا توجه ضد فردٍ معينٍ، إنما يقصد بها العالم، أي سكان الأرض كلها. ينتهر الطوباوي بولس مثيري هذه العثرات، قائلاً: "هكذا إذ تخطئون إلى الإخوة، وتجرحون ضميرهم الضعيف، تخطئون إلى المسيح" (1 كو 8: 12). ولكي لا تتغلب مثل هذه العثرات على المؤمنين يقول الله لسفراء كلمة الحق المستقيمة والمهرة في تعليمها: "اعبروا أبوابي، هيئوا طريق شعبي، أعدوا السبيل، نقوه من الحجارة" (إش 62: 10 الترجمة السبعينية). وقد وضع المخلص عقوبة مُرة على الذين يضعون مثل هذه العثرات في طريق الناس.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]