*** اللاهوت فى فكر العذراء مريم ام الله ***
(إذا كان نسطور وهو الأسقف ) الدارس للاهوت ... قد بعد عن الفكر الصحيح ، وضل
عن التعليم الصحيح ، وهو فى القرن الخامس الميلادى ،
ونادى بأن السيد المسيح كان
أقنومين :
ذات إلهية تعلو على الآلام الأنسانية ، وذات إنسانية عرضة للآلام
والموت ،
ومن ثم يكون قد فصل بين اللاهوت والناسوت فى شخص السيد المسيح .
إن السيدة العذراء وهى أم المسيح ، وأقرب الناس إليه ،
وهى الفتاة الصغيرة
البسيطة ، التى لم تدخل مدرسة للاهوت ، كانت معلمة للاهوت ، وياريت نسطور كان
قد فهم شيئا من حديث العذراء مع الملاك غبريال ، أو مع نسيبتها أليصابات ، هذه
الأحاديث برغم بساطتها كانت مليئة بفكر واعى متقدم ، فيه الكثير عن اللاهوت –
أما بالنسبة للناسوت ولماذا كان السيد المسيح يصف نفسه ( بأبن الأنسان ) .....
فلهذا الموضوع تأمل آخر لاحق .
وطالما أن بدعة نسطور قد مست السيدة العذراء ، التى أخذ منها السيد المسيح جسده
، فلابد أن نقترب من السيدة العذراء ، لنتعلم منها الكثير عن اللاهوت فى فكرها
نحو أبنها الحبيب ، ومن منا يمل عند الحديث عن السيدة العذراء شفيعتنا كلنا ،
بركتها تكون معنا آمين .
إن البطن الذى حمل اللاهوت ، كان رفيقا لعقل عرف اللاهوت ووعاه ولروح ابتهجت
بحضور اللاهوت .
القديس أوغسطينوس يصرخ قائلا : " ان كان لم يوجد من هو كفء لفهم أمك ، فمن الذى
يمكنه أن يفهمك أنت ؟ " .
اللاهوت يعنى شيئين :
الأولى : طبيعة الله نفسه .
المعنى الثانى : العلم الذى يتحدث عن اللـــــــــــه واللالهيات .
والذين
يبحثون فى هذا العلم يلقبون " لاهوتيون " .
لقد شدى القديس غريغوريوس
الثيئولوغوس بهذا الأنعام الذى حباه الله للأنسان ، للتعرف على خالقه فقال : "
أعطيتنى علم معرفتك " .
والعذراء مريم كانت تحمل اللاهوت بمعناه الأول متحدا بالناسوت فى بطنها .
وبالمعنى الثانى كان يمتلىء به عقلها .
لقد نطقت السيدة العذراء بقانون إيمان وضعته أمام المسيحية كلها ،
قبل قانون
الأيمان النيقاوى الذى تردده الكنيسة فى صلواتها كلها وطقوسها جميعها ،
شارك فى
صياغته ستمائة وثمانى وستون أسقفا – ( 318 + 150 +200 ) ، واستغرق وضعه مائة
وستة عاما – على مدى ثلاثة مجامع مقدسة ،
فى القرنين الرابع والخامس الميلادى .
فلم تكن العذراء مجرد جسم احتاج السيد المسيح منها جسدا له .
انما أيضا كانت فكرا تمشى بين الناس ، وجال بين البشر ،
لقد عرفت المسيح الذى
به حبلت ، وعرفت عنه قبلما حبلت به ، وعرفت منه كما حملت فيه .
انها أكثر الناس قربا له ، فلا غرابة أن تكون أكثرهم دراية ومعرفة عنه .
ان حديث العذراء عن الله له مذاق خاص ، فترى أن تتكلم عن الله الذى خلقها ، أم
عن الله الذى ولدته ؟ .
إن علاقة العذراء بالسيد المسيح له المجد ،
توضحها هذه الأمثولة التى رواها سفر
الخروج عن إمرأة تسمى يوكابـــــــد - ( أم موسى النبى ) –
كانت هى أمه ، كما
كانت هى أمتـــــه . ظاهريا كانت إبنة فرعـــــون هى أمه ، وكانت يوكابد تناديه
أمامها ( سيـــــدى موســــى ) ، بينما هو أبنها وفلذة كبدها .
لقد استطاع موسى أن يجمع بين هذين الأمرين ،
فهو أبن ليوكابد هذه ، وسيد لها ،
كما أنها هى أيضا أم وأمـة له . وهذا ما رأيناه فى العذراء العبدة والأم ،
العبدة لأنها مخلوقة ، والأم لأنها والدة .
دعت السيدة العذراء إلهها فى فى تسبحتها بألقاب مقدسة ثلاثة ، هى :
( الرب . الله . القدير ) .
وذلك عندما قالت :
" تسبح نفسى الرب ، وتبتهج روحى بالله مخلصى ، لأن القدير
صنع بى عظائم " ،
وهذه الألقاب الثلاثة هى ذات الكلمات والأسماء الثلاثة التى
أطلقت على الله فى العهد القديم ،
فقد دعى بأسم يهوة ، أى الرب ، وسمى الوهيم
أى الله ، ولقب أدوناى أى صاحب القدرة .
نلاحظ أن هذه الأسماء الثلاثة صارت من أسماء السيد المسيح له المجد ،
ومن القابه :
- فقد دعى ربا : " لنا رب واحد يسوع المسيح الذى منه جميع الأشياء "
( 1 كو 8 .6 ) .
- " لأنه رب الأرباب وملك الملوك " ( رؤيا 17 : 14 ) .
- " من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلى " ( لو 1 : 43 ) .
- " ولد لكم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب " ( لو 2 : 11 ) .
كما دعى إلها :
- " .... هوذا العذراء تحبل وتلد إبنا ويدعى أسمه عمانوئيل .......
( الذى تفسيره الله معنا ) "
( أش 7 : 14 ، مت 1 : 23 ) .
- " فى البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة اللــــــــه "
.( يو 1 : 1 ) .
- " ربى وإلهى ..... قال له يسوع لأنك رأيتنى ياتوما آمنت ، طوبى للذين آمنوا
ولم يروا "
( يو 20: 26 ) .
- " وبالأجماع عظيم هو سر التقوى ، الله ظهر فى الجسد " ( 1 تى 3 : 16 ) .
وهو القدير :
- فهو الذى استطاع أن يقهر كل شىء ، الرياح والبحار والمرض والموت ،
هو الذى
أستطاع أن يولد من العذراء بغير زرع بشر ، هو الألف والياء , البداية والنهاية
، القادر على كل شىء ( رؤ 1 : 8 , 15 : 3 )
- " حامل كل الأشياء بكلمة قدرته " ( عب 1 : 3 ) .
- أنه القدير الذى يملك القوة والقدرة ، فهو ليس قويا غير مقتدر ، انما هو
مقتدر لأنه قوى .
لقد رأت مريم فى الله عشر صور متعددة :
رأت فيه :
(1) كفارته: " وتبتهج روحى بالله مخلصى "
(2) قدرته : " لأن القدير صنع بى عظائم "
(3) عظمته : " صنع بى عظائم "
(4) قداسته : " أسمه قدوس "
(5) رحمته : " ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه "
(6) قوته : " صنع قوة بذراعه "
(7) وداعته : " شتت المستكبرين بفكر قلوبهم " ،
لقد تلاقى السيد المسيح مع
العذراء فى نقطة الأتضاع ، فالأمة صارت أما ولكنها أصرت أن تكون أمة ؛ " هوذا
أنا أمة الرب " .
( كفايته : " أشبع الجياع خيرات "
(9) حكمته : " إنه كلمة الله ، وقوة الله ، وحكمة الله "
(10) كلمته : " كما كلم آبائنا " .
فى العذراء فرح ابراهيم ، وتهلل اسحق ، واغتبط يعقوب .
ان كلمة الله تمت بكل كمال ، وبدون نقصان .
والسيد المسيح كما هو رب وإله قديــــــر ، دعى أيضا " ابن الأنسان "
على أنه لما كانت ألوهة الأبن قد ثبتت بالدستور الأيمانى الذى أقره مجمع نيقية
، ولم يستطع نسطور إنكارها ....
إلا أنه حاول الطعن بشكل آخر بأن جعل من السيد
المسيح أقنومين : ذات إلهية تعلو على الآلام الأنسانية ، ( الشق الخاص بالسيد
المسيح كرب وإله ) ،
وذات إنسانية عرضة للآلام والموت ، ( الشق الخاص بالسيد
المسيح بأبن الأنسان ) .
قال قداســـة البابا شـــنودة الثــالث :
" فى أكثر من موضع وفى أكثر من آية يذكر الكتاب المقدس أن المسيح هو أبن
الأنسان ، لكن فى كل هذه الآيات التى جاءت عن أبن الأنسان كانت تحمل ليس فقط
اظهارا لأنسانيته انما كانت تدل أيضا على لاهوته ، الذى لا يستطاع النظر إليه
ولا التفكير فيه ، كقول القديس كيرلس الكبير .
وبعض هذى الأيات هى :
(1) قال " ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء أبن الأنسان الذى هو
فى السماء " ( يو 3 : 13 ) .
(2) عندما تحدث عن صلبه ذكر عبارة " أبن الأنسان " فى معنى يقابل تماما لقب أبن
الله الوحيد فقال " وكما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يرفع أبن
الأنسان لكى لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية ، لأنه هكذا
أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له
الحياة الأبدية " ( يو 3 : 14 – 16 ) .
(3) استخدم الرب تعبير ابن الأنسان عن نفسه بصورة إلهية فى حديثه عن مجيئه
الثانى فقال " ...
ويبصرون أبن الأنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد عظيم ،
فيرسل ملائكته بصوت عظيم الصوت ، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء
السموات إلى أقصاها " ( مت 24 : 29 – 31 ) . كما قال أيضا " يرسل ابن الأنسان
ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلى الأثم " ( مت 13 : 14 ) .
ولا يمكن أن تستخدم هذه التعبيرات الا بدلالة لاهوتية ، فابن الأنسان هنا يأتى
على السحاب فى قوة ومجد ، ملائكة الله هم ملائكته ، وملكوت الله هو ملكوته ،
والمختارون الذين اختارهم الله هم مختاروه .
كما قال السيد المسيح لرؤساء الكهنة الذين حكموا عليه بالصلب " .......
من الآن
تبصرون ابن الأنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء " مت 26 : 63
.فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال لقد جدف ، وما يقصده بالتجديف هو ما قصده السيد
الرب باظهار لاهوته مستخدما تعبير أبن الأنسان .
(4) أن دانيال النبى نفسه فى العهد القديم يطلق على السيد المسيح لقب " ابن
الأنسان " فى معنى لاهوتى بقوله " وكنت أرى فى رؤيا الليل وإذا مع سحب السماء
مثل ابن الأنسان ، أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه . فأعطى سلطانا
ومجدا وكهنوتا ، لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة سلطانه سلطان أبدى ما لن
يزول ، وملكوته ما لا ينقرض " .
لماذا سمى المسيح بلقب ابن الأنسان ؟
اخطأ الأنسان وحكم عليه بالموت . وكان لابد أن يموت الأنسان لكى يكون الله
صادقا وأيضا لكى يكون عادلا ، ومن الناحية الأخرى كان يليق أن يحيا الأنسان لأن
هذا يتمشى مع رحمة الله وحكمته ، وكان هذا الأنسان عاجزا عن إيفاء الله حقه من
العدالة لأنه محدمد لا يستطيع أن يوفى العقوبة غير المحدودة ، وأيضا لأنه خاطىء
...
لذلك أخذ الرب شكل العبد ، وصار فى الهيئة كأنسان ، وشاء أن يولد من هذا
الأنسان عينه ، وهكذا دعا نفسه : " ابن الأنسان " ، ولم يدع نفسه " ابن فلان "
من الناس ، لأنه فى موقف النائب عن الأنسان كله ، عن البشرية عموما .
وبعــــــد .....،،،
فالسيدة العذراء ( وهى أقرب الناس إلى السيد المسيح ) ،
قدمت لنا درسا رائعا
عن اللاهوت الذى لا ينفصل عن الناسوت فى شخص السيد المسيح ،
كما أن السيد
المسيح فى أحاديثه أكد وحدانية المعنى فى القاب – ابن اللـــــــه ، وابن
الأنسان - والأنبياء فى العهد القديم أكدوا ذلك ، وأول الشهداء فى العهد
الجديد ( أسطفانوس ) رأى ابن الأنسان جالسا عن يمين أبيه ، ......
فما هى حجة نسطوريوس بعد كل هذه التأكيدات ، حتى يشط بعقله البشرى ، وتستهويه
فتنة أفكاره الخاصة ، فزاغ عن الحق الإلهى ، وطلع علينا بهرطقته ...
وبسببها تم
عقد مجمع أفسس ( المجمع المسكونى الثالث ) .
ولكن الحمد لله الذى رتب الدواء مع ظهور الداء ، فى شخص البابا السكندرى ،
البابا كيرلس الكبير ..... بركته تكون معنا آمين
(منقول)
(إذا كان نسطور وهو الأسقف ) الدارس للاهوت ... قد بعد عن الفكر الصحيح ، وضل
عن التعليم الصحيح ، وهو فى القرن الخامس الميلادى ،
ونادى بأن السيد المسيح كان
أقنومين :
ذات إلهية تعلو على الآلام الأنسانية ، وذات إنسانية عرضة للآلام
والموت ،
ومن ثم يكون قد فصل بين اللاهوت والناسوت فى شخص السيد المسيح .
إن السيدة العذراء وهى أم المسيح ، وأقرب الناس إليه ،
وهى الفتاة الصغيرة
البسيطة ، التى لم تدخل مدرسة للاهوت ، كانت معلمة للاهوت ، وياريت نسطور كان
قد فهم شيئا من حديث العذراء مع الملاك غبريال ، أو مع نسيبتها أليصابات ، هذه
الأحاديث برغم بساطتها كانت مليئة بفكر واعى متقدم ، فيه الكثير عن اللاهوت –
أما بالنسبة للناسوت ولماذا كان السيد المسيح يصف نفسه ( بأبن الأنسان ) .....
فلهذا الموضوع تأمل آخر لاحق .
وطالما أن بدعة نسطور قد مست السيدة العذراء ، التى أخذ منها السيد المسيح جسده
، فلابد أن نقترب من السيدة العذراء ، لنتعلم منها الكثير عن اللاهوت فى فكرها
نحو أبنها الحبيب ، ومن منا يمل عند الحديث عن السيدة العذراء شفيعتنا كلنا ،
بركتها تكون معنا آمين .
إن البطن الذى حمل اللاهوت ، كان رفيقا لعقل عرف اللاهوت ووعاه ولروح ابتهجت
بحضور اللاهوت .
القديس أوغسطينوس يصرخ قائلا : " ان كان لم يوجد من هو كفء لفهم أمك ، فمن الذى
يمكنه أن يفهمك أنت ؟ " .
اللاهوت يعنى شيئين :
الأولى : طبيعة الله نفسه .
المعنى الثانى : العلم الذى يتحدث عن اللـــــــــــه واللالهيات .
والذين
يبحثون فى هذا العلم يلقبون " لاهوتيون " .
لقد شدى القديس غريغوريوس
الثيئولوغوس بهذا الأنعام الذى حباه الله للأنسان ، للتعرف على خالقه فقال : "
أعطيتنى علم معرفتك " .
والعذراء مريم كانت تحمل اللاهوت بمعناه الأول متحدا بالناسوت فى بطنها .
وبالمعنى الثانى كان يمتلىء به عقلها .
لقد نطقت السيدة العذراء بقانون إيمان وضعته أمام المسيحية كلها ،
قبل قانون
الأيمان النيقاوى الذى تردده الكنيسة فى صلواتها كلها وطقوسها جميعها ،
شارك فى
صياغته ستمائة وثمانى وستون أسقفا – ( 318 + 150 +200 ) ، واستغرق وضعه مائة
وستة عاما – على مدى ثلاثة مجامع مقدسة ،
فى القرنين الرابع والخامس الميلادى .
فلم تكن العذراء مجرد جسم احتاج السيد المسيح منها جسدا له .
انما أيضا كانت فكرا تمشى بين الناس ، وجال بين البشر ،
لقد عرفت المسيح الذى
به حبلت ، وعرفت عنه قبلما حبلت به ، وعرفت منه كما حملت فيه .
انها أكثر الناس قربا له ، فلا غرابة أن تكون أكثرهم دراية ومعرفة عنه .
ان حديث العذراء عن الله له مذاق خاص ، فترى أن تتكلم عن الله الذى خلقها ، أم
عن الله الذى ولدته ؟ .
إن علاقة العذراء بالسيد المسيح له المجد ،
توضحها هذه الأمثولة التى رواها سفر
الخروج عن إمرأة تسمى يوكابـــــــد - ( أم موسى النبى ) –
كانت هى أمه ، كما
كانت هى أمتـــــه . ظاهريا كانت إبنة فرعـــــون هى أمه ، وكانت يوكابد تناديه
أمامها ( سيـــــدى موســــى ) ، بينما هو أبنها وفلذة كبدها .
لقد استطاع موسى أن يجمع بين هذين الأمرين ،
فهو أبن ليوكابد هذه ، وسيد لها ،
كما أنها هى أيضا أم وأمـة له . وهذا ما رأيناه فى العذراء العبدة والأم ،
العبدة لأنها مخلوقة ، والأم لأنها والدة .
دعت السيدة العذراء إلهها فى فى تسبحتها بألقاب مقدسة ثلاثة ، هى :
( الرب . الله . القدير ) .
وذلك عندما قالت :
" تسبح نفسى الرب ، وتبتهج روحى بالله مخلصى ، لأن القدير
صنع بى عظائم " ،
وهذه الألقاب الثلاثة هى ذات الكلمات والأسماء الثلاثة التى
أطلقت على الله فى العهد القديم ،
فقد دعى بأسم يهوة ، أى الرب ، وسمى الوهيم
أى الله ، ولقب أدوناى أى صاحب القدرة .
نلاحظ أن هذه الأسماء الثلاثة صارت من أسماء السيد المسيح له المجد ،
ومن القابه :
- فقد دعى ربا : " لنا رب واحد يسوع المسيح الذى منه جميع الأشياء "
( 1 كو 8 .6 ) .
- " لأنه رب الأرباب وملك الملوك " ( رؤيا 17 : 14 ) .
- " من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلى " ( لو 1 : 43 ) .
- " ولد لكم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب " ( لو 2 : 11 ) .
كما دعى إلها :
- " .... هوذا العذراء تحبل وتلد إبنا ويدعى أسمه عمانوئيل .......
( الذى تفسيره الله معنا ) "
( أش 7 : 14 ، مت 1 : 23 ) .
- " فى البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة اللــــــــه "
.( يو 1 : 1 ) .
- " ربى وإلهى ..... قال له يسوع لأنك رأيتنى ياتوما آمنت ، طوبى للذين آمنوا
ولم يروا "
( يو 20: 26 ) .
- " وبالأجماع عظيم هو سر التقوى ، الله ظهر فى الجسد " ( 1 تى 3 : 16 ) .
وهو القدير :
- فهو الذى استطاع أن يقهر كل شىء ، الرياح والبحار والمرض والموت ،
هو الذى
أستطاع أن يولد من العذراء بغير زرع بشر ، هو الألف والياء , البداية والنهاية
، القادر على كل شىء ( رؤ 1 : 8 , 15 : 3 )
- " حامل كل الأشياء بكلمة قدرته " ( عب 1 : 3 ) .
- أنه القدير الذى يملك القوة والقدرة ، فهو ليس قويا غير مقتدر ، انما هو
مقتدر لأنه قوى .
لقد رأت مريم فى الله عشر صور متعددة :
رأت فيه :
(1) كفارته: " وتبتهج روحى بالله مخلصى "
(2) قدرته : " لأن القدير صنع بى عظائم "
(3) عظمته : " صنع بى عظائم "
(4) قداسته : " أسمه قدوس "
(5) رحمته : " ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه "
(6) قوته : " صنع قوة بذراعه "
(7) وداعته : " شتت المستكبرين بفكر قلوبهم " ،
لقد تلاقى السيد المسيح مع
العذراء فى نقطة الأتضاع ، فالأمة صارت أما ولكنها أصرت أن تكون أمة ؛ " هوذا
أنا أمة الرب " .
( كفايته : " أشبع الجياع خيرات "
(9) حكمته : " إنه كلمة الله ، وقوة الله ، وحكمة الله "
(10) كلمته : " كما كلم آبائنا " .
فى العذراء فرح ابراهيم ، وتهلل اسحق ، واغتبط يعقوب .
ان كلمة الله تمت بكل كمال ، وبدون نقصان .
والسيد المسيح كما هو رب وإله قديــــــر ، دعى أيضا " ابن الأنسان "
على أنه لما كانت ألوهة الأبن قد ثبتت بالدستور الأيمانى الذى أقره مجمع نيقية
، ولم يستطع نسطور إنكارها ....
إلا أنه حاول الطعن بشكل آخر بأن جعل من السيد
المسيح أقنومين : ذات إلهية تعلو على الآلام الأنسانية ، ( الشق الخاص بالسيد
المسيح كرب وإله ) ،
وذات إنسانية عرضة للآلام والموت ، ( الشق الخاص بالسيد
المسيح بأبن الأنسان ) .
قال قداســـة البابا شـــنودة الثــالث :
" فى أكثر من موضع وفى أكثر من آية يذكر الكتاب المقدس أن المسيح هو أبن
الأنسان ، لكن فى كل هذه الآيات التى جاءت عن أبن الأنسان كانت تحمل ليس فقط
اظهارا لأنسانيته انما كانت تدل أيضا على لاهوته ، الذى لا يستطاع النظر إليه
ولا التفكير فيه ، كقول القديس كيرلس الكبير .
وبعض هذى الأيات هى :
(1) قال " ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء أبن الأنسان الذى هو
فى السماء " ( يو 3 : 13 ) .
(2) عندما تحدث عن صلبه ذكر عبارة " أبن الأنسان " فى معنى يقابل تماما لقب أبن
الله الوحيد فقال " وكما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يرفع أبن
الأنسان لكى لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية ، لأنه هكذا
أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له
الحياة الأبدية " ( يو 3 : 14 – 16 ) .
(3) استخدم الرب تعبير ابن الأنسان عن نفسه بصورة إلهية فى حديثه عن مجيئه
الثانى فقال " ...
ويبصرون أبن الأنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد عظيم ،
فيرسل ملائكته بصوت عظيم الصوت ، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء
السموات إلى أقصاها " ( مت 24 : 29 – 31 ) . كما قال أيضا " يرسل ابن الأنسان
ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلى الأثم " ( مت 13 : 14 ) .
ولا يمكن أن تستخدم هذه التعبيرات الا بدلالة لاهوتية ، فابن الأنسان هنا يأتى
على السحاب فى قوة ومجد ، ملائكة الله هم ملائكته ، وملكوت الله هو ملكوته ،
والمختارون الذين اختارهم الله هم مختاروه .
كما قال السيد المسيح لرؤساء الكهنة الذين حكموا عليه بالصلب " .......
من الآن
تبصرون ابن الأنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء " مت 26 : 63
.فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال لقد جدف ، وما يقصده بالتجديف هو ما قصده السيد
الرب باظهار لاهوته مستخدما تعبير أبن الأنسان .
(4) أن دانيال النبى نفسه فى العهد القديم يطلق على السيد المسيح لقب " ابن
الأنسان " فى معنى لاهوتى بقوله " وكنت أرى فى رؤيا الليل وإذا مع سحب السماء
مثل ابن الأنسان ، أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه . فأعطى سلطانا
ومجدا وكهنوتا ، لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة سلطانه سلطان أبدى ما لن
يزول ، وملكوته ما لا ينقرض " .
لماذا سمى المسيح بلقب ابن الأنسان ؟
اخطأ الأنسان وحكم عليه بالموت . وكان لابد أن يموت الأنسان لكى يكون الله
صادقا وأيضا لكى يكون عادلا ، ومن الناحية الأخرى كان يليق أن يحيا الأنسان لأن
هذا يتمشى مع رحمة الله وحكمته ، وكان هذا الأنسان عاجزا عن إيفاء الله حقه من
العدالة لأنه محدمد لا يستطيع أن يوفى العقوبة غير المحدودة ، وأيضا لأنه خاطىء
...
لذلك أخذ الرب شكل العبد ، وصار فى الهيئة كأنسان ، وشاء أن يولد من هذا
الأنسان عينه ، وهكذا دعا نفسه : " ابن الأنسان " ، ولم يدع نفسه " ابن فلان "
من الناس ، لأنه فى موقف النائب عن الأنسان كله ، عن البشرية عموما .
وبعــــــد .....،،،
فالسيدة العذراء ( وهى أقرب الناس إلى السيد المسيح ) ،
قدمت لنا درسا رائعا
عن اللاهوت الذى لا ينفصل عن الناسوت فى شخص السيد المسيح ،
كما أن السيد
المسيح فى أحاديثه أكد وحدانية المعنى فى القاب – ابن اللـــــــه ، وابن
الأنسان - والأنبياء فى العهد القديم أكدوا ذلك ، وأول الشهداء فى العهد
الجديد ( أسطفانوس ) رأى ابن الأنسان جالسا عن يمين أبيه ، ......
فما هى حجة نسطوريوس بعد كل هذه التأكيدات ، حتى يشط بعقله البشرى ، وتستهويه
فتنة أفكاره الخاصة ، فزاغ عن الحق الإلهى ، وطلع علينا بهرطقته ...
وبسببها تم
عقد مجمع أفسس ( المجمع المسكونى الثالث ) .
ولكن الحمد لله الذى رتب الدواء مع ظهور الداء ، فى شخص البابا السكندرى ،
البابا كيرلس الكبير ..... بركته تكون معنا آمين
(منقول)