تبذل الأسرة الكثير من المجهود لتوفير ميزانية تصرف بها على تعليم الأبناء ليضمنوا لهم مستقبلاً مستقراً ومشرقاً.
فإن كان هذا اهتمام الآباء بمستقبل أبنائهم المهني - فماذا عن مستقبلهم الأخلاقي والروحي؟!
إلَى مَن توكل هذه المهمة الحساسة والخطيرة.. مهمة تكوين أخلاق أولادنا وخلاصهم؟!!
هل هذه المهمة الحساسة يمكن أن نوكلها لآخرين موثوق فيهم، أو نطالب الكنيسة أن تقوم بها؟
تعليم الصغار وبخاصة التعليم الروحي مسئولية الآباء. وقد كلّف الله الآباء بها قائلاً "وقُصّها على أولادك وتكلّم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم" (التثنية 7:6).
إنك حينما تعلم أبناءك، فإنك لا تنقل لهم تعاليماً نظرية، ولكن تنقل لهم تعليماً روحياً ممزوجاً بخبرتك العملية واختباراتك الروحية. وهذه لها تأثير روحي أقوى على أولادك، وهذا ما يطلبه الله من الآباء "إنما احترز واحفظ نفسك جداً لئلا تنسى الأمور التي أبصرت عيناك ولئلا تزول من قلبك كل أيام حياتك وعلمها أولادك وأولاد أولادك" (التثنية 9:4).
هكذا تنتقل روح الإيمان من الآباء للأبناء. وهذا ما حرصت عليه جدة تيموثاوس وأمه "إذ أتذكر الإيمان العديم الرياء الذي فيك الذي سكن أولاً في جدتك لوئيس وأمك أفنيكي.. (تيموثاوس الثانية 5:1).
وهكذا شهد بولس لإيمانه بقوله: "وأنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكّمك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع. كل الكتاب هو موحى به من الله ونافعٌ للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البرّ " (تيموثاوس الثانية 15:3-16)
من أهم واجبات الآباء تجاه أولادهم:
- احتضن أولادك:
"ألعلي حبلت بجميع هذا الشعب أو لعلي ولدته حتى تقول لي احمله في حضنك كما يحمل المربي الرضيع إلى الأرض التي حلفت لآبائه (العدد 12:11).
ما أجمل هذا التوجيه الإلهي لموسى في رعايته لشعبه "أحمله في حضنك"، فمن الأحضان تبدأ التربية والرعاية. فمن أهم واجبات الآباء أن يحتضنوا أبناءهم. وهذا ما نفعله معهم وهم صغار، ولكنهم وهم كبار يحتاجون الأحضان أيضاً. يحتاج الرضيع لحضن أمه ليشعر بالدفء والأمان، وكذلك الكبار من الأبناء يحتاجون، برغم من تمردهم على والديهم، إلى الشعور بأن هناك في انتظارهم أحضان يرتمون فيها عند قلقهم وتوترهم الذين يصادفهم من وقت إلى آخرٍ..
ونجد بولس الرسول يصف الأحضان الأبوية ويقول: "بل كنا مترفقين في وسطكم كما تربي المرضعة أولادها" (تسالونيكي الأولى 7:2)"
وفى (تسالونيكي الأولى 11:2) "كما تعلمون كيف كنا نعظ كل واحد منكم كالأب لأولاده ونشجعكم".
وأيضاً يوجد فى (إشعياء 11:40) "كراع يرعى قطيعه بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها"
قدّم أولادك لله:
ينبغي على الآباء، أن يقرّبون أبناءهم لله ويقربون الله لأبنائهم. هكذا فعل أيوب حينما كان يقدم ذبائح عن أبنائه، وأيضاً كان داود يصلي من أجل أبنه سليمان "وأما سليمان ابني فأعطه قلباً كاملاً ليحفظ وصاياك شهاداتك وفرائضك وليعمل الجميع وليبني الهيكل الذي هيّأت له" (1أخ 19:29).
أنت مسئول عن إيمان أطفالك وعائلتك، أن تدخلهم في حياة روحية مع الله، مثلما فعل نوح فبنى فلكاً ليس لخلاصه وحده، ولكن لخلاص عائلته وقد أدخل عائلته إلى الفلك "بالإيمان نوح لما أُوحى إليه عن أمورٍ لْم تُر بعد خاف فبنى فلكاً لخلاص بيته (العبرانيين 7:11).
ما أروع الأيام التي كانت تأتي فيها الأمهات حاملات صغارهن إلى الرب يسوع ليضع يديه عليهم ويباركهم "حينئذٍ قُدّم إليه أولادٌ لكي يضع يديه عليهم ويُصلّي. فانتهرهم التلاميذ.. أما يسوع فقال دعوا الأولاد يأتون إليَّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات (متى 13:19-14). وما أروع اليوم الذي نرى فيه كل أب وكل أم معها أبنائها وتدخل بهم إلى الكنيسة. احضر أولادك إلى الكنيسة فالمسيح منتظرهم هناك ليباركهم