حياة في تنعم ثم موت مفاجئ
تاريخ حياة ذلك الغني على الأرض يتضمن أربعة أمور
أولاً: كان يلبس الأرجوان والبز
ثانيًا: كان يتنعم كل يوم مُترفهًا
ثالثًا: مات
رابعًا: دُفن
وبعد ذلك يُسدل الستار على هذا التاريخ، ولكن الرب يأخذنا إلى ما وراء ذلك، لنرى ماذا صار له بعد دفنه. إنه هوى سريعًا من حضن التنعمات إلى اللهيب“فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب”، وحينئذٍ رأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه، فارتفعت منه الاستغاثة الحارة الواردة في صدر هذا المقال.
ما أسرع الخطوات حياة في تنعم
ثم موت مفاجئ
ثم عذاب
تغيير عجيب في ظروف ذلك الغني. إنه يهوي من الغنى إلى الفقر، من الشرف إلى الخزي والعار، من الراحة والتَرَف إلى العذاب، من الملذات والتمتعات الأرضية إلى الآلام الأبدية المُرّة. وفي وسط هذه الآلام المُبرحة يرفع عينيه، ويرى إبراهيم من بعيد. نعم، وبعيدًا جدًا عنه وعن مكان العذاب الذي هو فيه! وأيضًا لعازر في حضنه يتعزى عن آلامه وضيقاته الأرضية. إنه يصرخ متوسلاً لأجل طلبة متواضعة بسيطة؛ لأجل نقطة ماء، لا على إصبع جبرائيل الملاك، بل على إصبع لعازر المسكين! ولكن أنّى له ذلك؟ إنه في العذاب يتعذب! هناك عطش، ولكن لا يوجد ماء. هناك عذاب ولكن لا تخفيف ولا تلطيف له. هناك صراخ وعويل ولكن لا ردّ عليه سوى صوت الضمير المُعذب قائلاً:
“اذكر”.
نعم أيها القارئ العزيز: ما أقسى الرجوع إلى الماضي وما أمرّه! عندما يذكر الإنسان فرص التوبة التي كانت أمامه ولكنه لم يقدّرها! وعندما يذكر ينبوع الماء الحي الذي كان بين يديه ورفض الشرب منه! وعندما يذكر الخلاص الأبدي الذي كان مُقدمًا له ولكنه أهمله! هناك ستستيقظ الذاكرة بصورة عجيبة وغير مُنتظرة. وستذكر أنت هناك كل دعوة، وكل رحمة، وكل امتياز، وكل نداء، وكل تحذير. وستذكر أيضًا كيف أهملت كل هذا وتهاونت في أمر نفسك ومصيرك الأبدي. وهناك ستكتشف أنه لا فائدة من البكاء والعويل، والتوسلات والدموع، لأنه لا يوجد بريق أمل في الخروج من موضع العذاب. آه،
ما أقسى كل
هذا وما أمرّه
اهرب من كل هذا! وتعال إلى المسيح الآن!