††بستان الرهبان †† متجدد
- 1_انطونيوس
كوكب البرية وأب الرهبان
نشأته:
من أهل الصعيد من جبس الأقباط ، ومسيرته عجيبة طويلة إذا استوفيناها شرحاً.. وانما نذكر السير من فضائله:
انه لما توفى والده دخل إليه وتأمل وبعد تفكير عميق قال : تبارك اسم الله: اليست هذه الجثة كاملة ولم يتغير منها شئ البتة سوى توقف هذا النقس الضغيف فأين هى همتك وعزيمتك وامرك وسطوتك العظيمة وجمعك للمال. اى ارى الجميع قد بطل وتركته.. فيالهذه الحسرة العظيمة والخسارة الجسيمة.
ثم نظر إلى والده الميت وقال: ان كنت قد خرجت انت بغير اختيار فلا اعجبن من ذلك ، بل أعجب انا من نفسى ان عملت كعملك.
اعتزاله العالم:
ثم انه بهذه الفكرة الواحدة الصغيرة ترك والده بغير دفن ، كما ترك كل ما خلفه له من مال واملاك وحشم ، وخرج هائماً على وجهه قائلاً : ها أنا أخرج من الدنيا طائعاً كيلا يخرجونى مثل أبى كارها.
توغله فى الصحراء:
لم يزل سائراً حتى وصل إلى شاطئ النهر حيث وجد هناك جميزة كبيرة فسكن هناك ، ولازم النسك العظيم والصوم الطويل ، وكان بالقرب من هذا الموضع قوم من العرب ، فاتفق يوم من الايام ان امرأة من العرب نزلت مع جواريها إلى النهر لتغسل رجليها ورفعت ثيابها وجواريها كذلك، فلما بأى القديس انطونيوس ذلك حول نظره عنهن وقتا ما ظنا منه انهن يمضين. لكنهن بدأن فى الاستحمام فى النهر! فما كان من القديس إلا ان قال لها : يا امرأة : اما تستحين منى وانا رجل راهب! اما هى فأجابت قائلة له : اصمت با انسان. من اين لك ان تدعو نفسك راهباً؟ لو كنت راهباً لكنت البرية الداخلية لان هذا المكان لا يسلح لسكنى الرهبان.
فلما سمع انطونيوس هذا الكلام لم يرد عليها جواباً. وكثر تعجبه لأنه لم يكن فى ذلك الوقت قد شهد راهباً ولا عرف الاسم. فقال فى نفسه ليس هذا الكلام من هذا المرأة لكنه صوت ملاك الرب يوبخنى وللوقت ترك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية واقام بها متوحداً لأنه ما كان فى هذا الموضع احد غيره فى ذلك الوقت وكان سكناه فى قرية قديمة كائنة فى جبل العربة ، صلاته تكون معنا آمين.
ملاك يسلمه الزى:
وكان يوماً جالساً فى قلايته ، فاتت عليه بغتة روح صغر نفس وملل وحيرة عظيمة ، وضاق صدره فبدأ يشكو إلى الله ويقول : يارب انى احب ان اخلص ، لكن الأفكار لا تتركنى فماذا اصنع؟ وقام من موضعه وانتقل إلى مكان اخر وجلس. واذا برجل جالس امامه ن عليه رداء طويل متوشح بزنار صليب مثال الاسكيم ، وعلى رأسه ( كوكلس ) قلنسوه شبه الخوذة وكان جالساً يضفر الخوص، واذ بذلك الرجل يتوقف عن عمله ويقف ليصلى ، وبعد ذلك جلس يضفر الخوص. ثم قام مرة ثانية ليصلى ثم جلس ليشتغل فى ضفر الخوص وهكذا.. اما ذلك الرجل فقد كان ملاك اللله الذى ارسل لعزاء القديس وتقويته اذ قال لانطونيوس " اعمل هكذا وانت تستريح ".
من ذلك الوقت اتخذ انطونيوس لنفسه ذلك الزى الذى هو شكل الرهبنة وصار يصلى ثم يشتغل فى ضفر الخوص: وبذلك لم يعد الملل يضايقه بشدة. فاستراح بقوة الرب يسوع المسيح له المجد.
صلاته:
1 – القديس بولا البسيط
( تلميذ الانبا انطونيوس )
اقام القديس انطونيوس بالبرية الداخلية فوق مدينة اطفيح بديار مصر مدة ثلاثة ايام. وبنى له قلاتة صغيرة وهو قريب من وادى العربة.
وكان ذلك الوقت رجل علمانى ، شيخ كبير ، يقال له بولا اعنى بوس كان ساكنا فى مدينة اطفيح واتفق ان ماتت زوجته وتزوج امرأة صبية وكان له خيرات واموال كثيرة كان قد ورثها.
فدخل يوماً من الايام إلى بيته ، فوجد احد خدامه على السرير مع زوجته فقال لزوجته مبارك لك فيه ايتها المرأة ، مبارك له فيك ، اذ اخترتيه دونى.
ثم اخذ بردته عليه ، ومضى هائما على وجهه فى البرية الداخلية ، وبقى محتاراً تائهاً زماناً طويلاً إلى ان اتفق انه وقف على قلاية القديس انطونيوس ، فقرع باب القلابة. فلما رآه القديس عجب منه غاية العجب ، لأنه لم يكن بعد قد رأى انساناً بهذه الصفة ، فسلم على القديس وسجد له على الارض بين يديه فأقامه القديس وعزاه وفرح به غاية الفرح ثم جلس عند القديس اربعين يوماً ملازماً الزهد الكامل والوحدة الصعبة.
فلما كمل له اربعون يوماً ، قال له القديس : يا بولس اذهب إلى حافة الجبل وتوحد ، وذق طعم الوحدة.
فمضى بولس كما امره عمل له مثل مربك شاة وفى غضون ذلك احضروا إلى القديس انطونيوس رجلا اعتراه روح من الجن فلما نظره القديس عجب منه ، ثم قال للذى احضره : اذهب به إلى القديس بولس يشفيه لانى عاجز عنه. وهذه هى أول تجاربه فعملوا كما امرهم القديس واحضروه بين يدى القديس بولس وقالو له معلمك الاب انطونيوس يأمرك ان تخرج هذا الشيطان من هذا الإنسان وكان القديس بولس ساذجاً فلوقته اخذ الرجل المريض وخرج إلى خارج الجبل وكان الحر شديداً وكانت الشمس مثل وهج النار فقال: يا شيطان استحلفك كما امرنى معلمى انطونيوس انك تخرج.. واذا بدا العدو الشيطان يتكلم على لسان الإنسان المريض ويضحك ويشتم ويقول : من هو انت ومن هو معلمك انطونيوس المختال الكذاب فقال له بولس: انا اقول لك ايها الشيطان انك تخرج من هذا الإنسان وان لم تخرج انا اعذب نفسى ثم طلع القديس بولا على حجر كان يتقد كأنه جمر نار واخذ حجر اخر على رأسه وقال : باسم الرب يسوع المسيح وباسم صلوات معلمى مار انطونيوس العظيم انى سأظل هكذا إلى ان اموت ولابد ان اعمل طاعة معلمى ، وتخرج ايها الشيطان كما امر معلمى وبقى هكذا واقفاً والعرق ينصب منه كالمطر ونبع ( نزف ) الدم من فمه وانفه والناس حوله مندهشون فلما رأى الشيطان ذلك صرخ باعلى صوته فقال : العفو العفو! والهروب الهروب من شيخ يقسم على الله بزكاوة قلبه حقاً لقد احرقتنى بساطتك ثم خرج من ذلك الإنسان وصرخ الشيطان ايضاً قائلاً : يا بولا لا تحسب انى خرجت من اجل دمك وخروجه (اى نزف دمه ) لكن احرقتنى صلاة انطونيوس وهو غائب ولما سمع الحاضرون تعجبوا بركة صلواتهم تحفظنا آمين.
2 – قصة شفاء ابن الملاك الافرنج
اخبروا عن القديس انطونيوس ان ملك الافرنج كان له ولد ، وكان وارثاً للملك بعده ، فلقحه جنون وصرع ، فجمع كل علماء بلاده فلم يقدر احد ان يعينه ويشفيه.
ثم اتصل به خبر القديس انطونيوس الصعيدى ، فأرسل إليه رسله بهدايا جليلة ولما وصلوا إليه لم يشأن ان يقبل شيئاً من الهداية اة يفرح بالسمعة ، وكان يكلمهم بترجمان.
وقال لتلميذه : بماذا تشير على يا ابنى؟ هل اذهب ام ابقى؟ قال له: يا أبى ان جلست انت انطونيوس وان ذهبت فانت انطونه ، وكان التلميذ يحبه ولا يشتهى ان يفارقه ، فقال له ال
كوكب البرية وأب الرهبان
نشأته:
من أهل الصعيد من جبس الأقباط ، ومسيرته عجيبة طويلة إذا استوفيناها شرحاً.. وانما نذكر السير من فضائله:
انه لما توفى والده دخل إليه وتأمل وبعد تفكير عميق قال : تبارك اسم الله: اليست هذه الجثة كاملة ولم يتغير منها شئ البتة سوى توقف هذا النقس الضغيف فأين هى همتك وعزيمتك وامرك وسطوتك العظيمة وجمعك للمال. اى ارى الجميع قد بطل وتركته.. فيالهذه الحسرة العظيمة والخسارة الجسيمة.
ثم نظر إلى والده الميت وقال: ان كنت قد خرجت انت بغير اختيار فلا اعجبن من ذلك ، بل أعجب انا من نفسى ان عملت كعملك.
اعتزاله العالم:
ثم انه بهذه الفكرة الواحدة الصغيرة ترك والده بغير دفن ، كما ترك كل ما خلفه له من مال واملاك وحشم ، وخرج هائماً على وجهه قائلاً : ها أنا أخرج من الدنيا طائعاً كيلا يخرجونى مثل أبى كارها.
توغله فى الصحراء:
لم يزل سائراً حتى وصل إلى شاطئ النهر حيث وجد هناك جميزة كبيرة فسكن هناك ، ولازم النسك العظيم والصوم الطويل ، وكان بالقرب من هذا الموضع قوم من العرب ، فاتفق يوم من الايام ان امرأة من العرب نزلت مع جواريها إلى النهر لتغسل رجليها ورفعت ثيابها وجواريها كذلك، فلما بأى القديس انطونيوس ذلك حول نظره عنهن وقتا ما ظنا منه انهن يمضين. لكنهن بدأن فى الاستحمام فى النهر! فما كان من القديس إلا ان قال لها : يا امرأة : اما تستحين منى وانا رجل راهب! اما هى فأجابت قائلة له : اصمت با انسان. من اين لك ان تدعو نفسك راهباً؟ لو كنت راهباً لكنت البرية الداخلية لان هذا المكان لا يسلح لسكنى الرهبان.
فلما سمع انطونيوس هذا الكلام لم يرد عليها جواباً. وكثر تعجبه لأنه لم يكن فى ذلك الوقت قد شهد راهباً ولا عرف الاسم. فقال فى نفسه ليس هذا الكلام من هذا المرأة لكنه صوت ملاك الرب يوبخنى وللوقت ترك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية واقام بها متوحداً لأنه ما كان فى هذا الموضع احد غيره فى ذلك الوقت وكان سكناه فى قرية قديمة كائنة فى جبل العربة ، صلاته تكون معنا آمين.
ملاك يسلمه الزى:
وكان يوماً جالساً فى قلايته ، فاتت عليه بغتة روح صغر نفس وملل وحيرة عظيمة ، وضاق صدره فبدأ يشكو إلى الله ويقول : يارب انى احب ان اخلص ، لكن الأفكار لا تتركنى فماذا اصنع؟ وقام من موضعه وانتقل إلى مكان اخر وجلس. واذا برجل جالس امامه ن عليه رداء طويل متوشح بزنار صليب مثال الاسكيم ، وعلى رأسه ( كوكلس ) قلنسوه شبه الخوذة وكان جالساً يضفر الخوص، واذ بذلك الرجل يتوقف عن عمله ويقف ليصلى ، وبعد ذلك جلس يضفر الخوص. ثم قام مرة ثانية ليصلى ثم جلس ليشتغل فى ضفر الخوص وهكذا.. اما ذلك الرجل فقد كان ملاك اللله الذى ارسل لعزاء القديس وتقويته اذ قال لانطونيوس " اعمل هكذا وانت تستريح ".
من ذلك الوقت اتخذ انطونيوس لنفسه ذلك الزى الذى هو شكل الرهبنة وصار يصلى ثم يشتغل فى ضفر الخوص: وبذلك لم يعد الملل يضايقه بشدة. فاستراح بقوة الرب يسوع المسيح له المجد.
صلاته:
1 – القديس بولا البسيط
( تلميذ الانبا انطونيوس )
اقام القديس انطونيوس بالبرية الداخلية فوق مدينة اطفيح بديار مصر مدة ثلاثة ايام. وبنى له قلاتة صغيرة وهو قريب من وادى العربة.
وكان ذلك الوقت رجل علمانى ، شيخ كبير ، يقال له بولا اعنى بوس كان ساكنا فى مدينة اطفيح واتفق ان ماتت زوجته وتزوج امرأة صبية وكان له خيرات واموال كثيرة كان قد ورثها.
فدخل يوماً من الايام إلى بيته ، فوجد احد خدامه على السرير مع زوجته فقال لزوجته مبارك لك فيه ايتها المرأة ، مبارك له فيك ، اذ اخترتيه دونى.
ثم اخذ بردته عليه ، ومضى هائما على وجهه فى البرية الداخلية ، وبقى محتاراً تائهاً زماناً طويلاً إلى ان اتفق انه وقف على قلاية القديس انطونيوس ، فقرع باب القلابة. فلما رآه القديس عجب منه غاية العجب ، لأنه لم يكن بعد قد رأى انساناً بهذه الصفة ، فسلم على القديس وسجد له على الارض بين يديه فأقامه القديس وعزاه وفرح به غاية الفرح ثم جلس عند القديس اربعين يوماً ملازماً الزهد الكامل والوحدة الصعبة.
فلما كمل له اربعون يوماً ، قال له القديس : يا بولس اذهب إلى حافة الجبل وتوحد ، وذق طعم الوحدة.
فمضى بولس كما امره عمل له مثل مربك شاة وفى غضون ذلك احضروا إلى القديس انطونيوس رجلا اعتراه روح من الجن فلما نظره القديس عجب منه ، ثم قال للذى احضره : اذهب به إلى القديس بولس يشفيه لانى عاجز عنه. وهذه هى أول تجاربه فعملوا كما امرهم القديس واحضروه بين يدى القديس بولس وقالو له معلمك الاب انطونيوس يأمرك ان تخرج هذا الشيطان من هذا الإنسان وكان القديس بولس ساذجاً فلوقته اخذ الرجل المريض وخرج إلى خارج الجبل وكان الحر شديداً وكانت الشمس مثل وهج النار فقال: يا شيطان استحلفك كما امرنى معلمى انطونيوس انك تخرج.. واذا بدا العدو الشيطان يتكلم على لسان الإنسان المريض ويضحك ويشتم ويقول : من هو انت ومن هو معلمك انطونيوس المختال الكذاب فقال له بولس: انا اقول لك ايها الشيطان انك تخرج من هذا الإنسان وان لم تخرج انا اعذب نفسى ثم طلع القديس بولا على حجر كان يتقد كأنه جمر نار واخذ حجر اخر على رأسه وقال : باسم الرب يسوع المسيح وباسم صلوات معلمى مار انطونيوس العظيم انى سأظل هكذا إلى ان اموت ولابد ان اعمل طاعة معلمى ، وتخرج ايها الشيطان كما امر معلمى وبقى هكذا واقفاً والعرق ينصب منه كالمطر ونبع ( نزف ) الدم من فمه وانفه والناس حوله مندهشون فلما رأى الشيطان ذلك صرخ باعلى صوته فقال : العفو العفو! والهروب الهروب من شيخ يقسم على الله بزكاوة قلبه حقاً لقد احرقتنى بساطتك ثم خرج من ذلك الإنسان وصرخ الشيطان ايضاً قائلاً : يا بولا لا تحسب انى خرجت من اجل دمك وخروجه (اى نزف دمه ) لكن احرقتنى صلاة انطونيوس وهو غائب ولما سمع الحاضرون تعجبوا بركة صلواتهم تحفظنا آمين.
2 – قصة شفاء ابن الملاك الافرنج
اخبروا عن القديس انطونيوس ان ملك الافرنج كان له ولد ، وكان وارثاً للملك بعده ، فلقحه جنون وصرع ، فجمع كل علماء بلاده فلم يقدر احد ان يعينه ويشفيه.
ثم اتصل به خبر القديس انطونيوس الصعيدى ، فأرسل إليه رسله بهدايا جليلة ولما وصلوا إليه لم يشأن ان يقبل شيئاً من الهداية اة يفرح بالسمعة ، وكان يكلمهم بترجمان.
وقال لتلميذه : بماذا تشير على يا ابنى؟ هل اذهب ام ابقى؟ قال له: يا أبى ان جلست انت انطونيوس وان ذهبت فانت انطونه ، وكان التلميذ يحبه ولا يشتهى ان يفارقه ، فقال له ال