اجتمع بعض اللصوص في مغارة خارج أورشليم بجوار المقابر، وكانوا يتشاورون معًا بخصوص رئيسهم باراباس الذي تركهم ليسير في خطوات بطيئة على الجبال حولهم.
قال أحدهم يُدعى نابال:
"لقد تغير باراباس تمامًا منذ أطلقه بيلاطس بنطس وأعفاه الشعب من الصلب، وأحّل المدعو يسوع محله.
انظروا، إنه لا يجلس معنا ليشجعنا على السطو والقتل واللَّهو، بل كثيرًا ما يتركنا ويسير وحده على الجبال. تارة يطيل النظر نحو السماء، وأخرى يحني رأسه نحو الأرض إلى ساعات، وإن جلس بيننا لا يتكلم.
تُرى هل أُصيب بحالة كآبة بسبب سجنه؟! كثيرًا ما دخل السجن ولم يحدث له ذلك. ألعلّه يخاف لئلا يُحكم عليه بالصلب مرة أخرى؟
عرفناه إنسانًا شجاعًا لا يخاف الموت ولا حتى الصلب؟ تُرى فيما يفكر هذا الرئيس المغوار؟"
قرر اللصوص أن يخرجوا إليه ويتحدثوا معه في صراحة حتى ينزعوا عنه كآبته.
حوار بين اللصوص
سار اللصوص عدة أمتار، والتفوا حول باراباس، وطلبوا إليه أن يتحدثوا معه.
قال أحدهم يُدعى شاول: "قل لنا يا باراباس، هل أنت خائف؟ أتخاف لئلا يُحكم عليك بالصلب مرة أخرى وليس من ينقذك؟ اخبرنا فيما أنت تفكر؟"
هز باراباس رأسه، وبصوت هادئ قال:
"أنتم تعلمون إنني لا أخاف الموت، ولا أبالي ماذا يقول الناس عني. حين حُكم عليَّ بالصلب لم ارتبك. كنت لا أبالي فقد عشت انهب وأقتل وأصنع شرورًا كثيرة.
لكن ما يهز نفسي هو شخصية يسوع الذي صُلب بلا ذنب!
أنا بعدل حُكم عليَّ بالصلب، لأني قتلت كثيرين.
أما هو فرقيق للغاية... رأيته في لحظات المحاكمة فأحببته.
أحببت شخصه لأنه يفيض لطفًا وحنانًا حتى في لحظات آلامه!
عرفت انه شفى كثيرين، وفتح أعين عميان، وجعل عرجًا يمشون، وصمًا يسمعون، وبرص يطهرون... حتى أقام موتى! حوّل زناة وقتلة وجعلهم قديسين! لماذا يُصلب؟!
أنا أحق بالصلب!"
قال نابال في سخرية: "ما الذي حدث يا باراباس... العلك تريد أن تكون قديسًا؟!"
وفي تهكم قال شاول: "العلك تريد أن تتوب بعد أن ارتكبت كل هذه الجرائم؟"
قال ثالث: "متى حلّ بك هذا اللطف يا باراباس؟! ألم يستجديك أطفال ونساء وشيوخ ورجال ألا تقتلهم ولم تستجب لصرخاتهم ولا لدموعهم!"
قال رابع: "العلك تريد أن تكون تلميذًا ليسوع المصلوب؟"
في صوت هادئ قال باراباس:
إني لست مستحقًا أن أكون تلميذًا لهذا البار.
علمت أن حجاب الهيكل انشق عندما أسلم الروح،
الطبيعة نفسها أعلنت غضبها على صلبه، الشمس أظلمت، والأرض تزلزلت...
سمعت بنفسي قائد المائة الروماني يصرخ: أنت بالحقيقة ابن اللَّه؟ وديماس اللص سمع صوت يسوع المصلوب: اليوم تكون معي في الفردوس!
أحداث عجيبة لن تفارق ذاكرتي!"
صمت الكل وهم في دهشة.
الطفلة راعوث وجماعة اللصوص
صرخ أحد اللصوص: "اتركوا باراباس في أفكاره التي تحطمه. هلموا معي، فإنني أرى جماعة تسير نحو المقابر. لننهب ما معهم."
قال شاول: "انتظروا، فإنها جماعة غريبة. أراهم لا يركبون دوابًا، وليس معهم أوعية خبزٍ أو طعامٍ! بالتأكيد ليسوا قادمين لدفن ميت، لأني أسمع أصوات أغانٍ مفرحة وليس رثاءً مرًا. لا يحملون نعشًا! انظروا... بينهم أطفال صغار. لماذا يأخذونهم معهم إلى القبور، ألا يخافوا عليهم؟!"
قال نابال: "إنك على حق يا شاول... فإني أراهم متهللين، يسيرون كما في موكب عرس، لا بل كجنودٍ غالبين منتصرين، وليس كمن هم في جنازة!"
قال داود: "لنذهب إليهم ونرى أمر هذه الجماعة. لعلنا نجد معهم ما نغتصبه! لنسر بهدوء، إذ يبدو انهم لا يحملون سلاحًا!"
سار اللصوص نحو هذه الجماعة الغريبة، وتبعهم باراباس الذي جذبته أغاني الجماعة وبشاشة وجوههم العجيبة. اقتربوا نحوهم، وإذا بطفلة صغيرة تدعى راعوث تتقدم الجماعة لتلتقي بباراباس وتحييه:
- سلام يا باراباس!
- أتعرفينني؟
- نعم أعرفك تمامًا. أنت باراباس الذي احتل مخلصي يسوع مكانك، وصُلب لأجلي ولأجلك!
- العلكِ كنتِ أثناء المحاكمة بين الجماهير التي صرخت: ليطلق باراباس وليُصلب يسوع!
- لم أكن بينهم.
- إذن من أخبرك؟ أصدقاؤكِ أم والديكِ؟
- لا، بل ربي يسوع المسيح نفسه!
- أين التقيتِ به؟
- جاء إلينا في الجحيم، فإنني رحلت منذ قرابة آلف عامٍ من هذا العالم!. جاءت نفسه متهللة تحمل ديماس اللص، وحطم متاريس الهاوية وأطلقنا. خرجنا جميعًا معه إلى الفردوس!
لقد سمح لنا نحن أيضًا ليس فقط أن تخرج نفوسنا إلى الفردوس بل وأن ترجع إلى الأجساد لنقوم ونكرز بقيامته... وها نحن عائدون إلى القبور.
لقد تممنا رسالتنا... لنعد إلى الفردوس.
يسوعنا قد قام! بالحقيقة قام!
هذا هي لحننا الذي نترنم به منذ قيامتنا!
استعد يا باراباس ليكون لك نصيب معنا، فترى يسوعنا القائم من الأموات!
V v v
ما كان يأتي (السيد المسيح) ويقرع على الباب لو لم يكن يرغب في الدخول، فإن كان غير ساكنٍ فينا على الدوام، فلنلم أنفسنا!
القديس أمبروسيوس
قال أحدهم يُدعى نابال:
"لقد تغير باراباس تمامًا منذ أطلقه بيلاطس بنطس وأعفاه الشعب من الصلب، وأحّل المدعو يسوع محله.
انظروا، إنه لا يجلس معنا ليشجعنا على السطو والقتل واللَّهو، بل كثيرًا ما يتركنا ويسير وحده على الجبال. تارة يطيل النظر نحو السماء، وأخرى يحني رأسه نحو الأرض إلى ساعات، وإن جلس بيننا لا يتكلم.
تُرى هل أُصيب بحالة كآبة بسبب سجنه؟! كثيرًا ما دخل السجن ولم يحدث له ذلك. ألعلّه يخاف لئلا يُحكم عليه بالصلب مرة أخرى؟
عرفناه إنسانًا شجاعًا لا يخاف الموت ولا حتى الصلب؟ تُرى فيما يفكر هذا الرئيس المغوار؟"
قرر اللصوص أن يخرجوا إليه ويتحدثوا معه في صراحة حتى ينزعوا عنه كآبته.
حوار بين اللصوص
سار اللصوص عدة أمتار، والتفوا حول باراباس، وطلبوا إليه أن يتحدثوا معه.
قال أحدهم يُدعى شاول: "قل لنا يا باراباس، هل أنت خائف؟ أتخاف لئلا يُحكم عليك بالصلب مرة أخرى وليس من ينقذك؟ اخبرنا فيما أنت تفكر؟"
هز باراباس رأسه، وبصوت هادئ قال:
"أنتم تعلمون إنني لا أخاف الموت، ولا أبالي ماذا يقول الناس عني. حين حُكم عليَّ بالصلب لم ارتبك. كنت لا أبالي فقد عشت انهب وأقتل وأصنع شرورًا كثيرة.
لكن ما يهز نفسي هو شخصية يسوع الذي صُلب بلا ذنب!
أنا بعدل حُكم عليَّ بالصلب، لأني قتلت كثيرين.
أما هو فرقيق للغاية... رأيته في لحظات المحاكمة فأحببته.
أحببت شخصه لأنه يفيض لطفًا وحنانًا حتى في لحظات آلامه!
عرفت انه شفى كثيرين، وفتح أعين عميان، وجعل عرجًا يمشون، وصمًا يسمعون، وبرص يطهرون... حتى أقام موتى! حوّل زناة وقتلة وجعلهم قديسين! لماذا يُصلب؟!
أنا أحق بالصلب!"
قال نابال في سخرية: "ما الذي حدث يا باراباس... العلك تريد أن تكون قديسًا؟!"
وفي تهكم قال شاول: "العلك تريد أن تتوب بعد أن ارتكبت كل هذه الجرائم؟"
قال ثالث: "متى حلّ بك هذا اللطف يا باراباس؟! ألم يستجديك أطفال ونساء وشيوخ ورجال ألا تقتلهم ولم تستجب لصرخاتهم ولا لدموعهم!"
قال رابع: "العلك تريد أن تكون تلميذًا ليسوع المصلوب؟"
في صوت هادئ قال باراباس:
إني لست مستحقًا أن أكون تلميذًا لهذا البار.
علمت أن حجاب الهيكل انشق عندما أسلم الروح،
الطبيعة نفسها أعلنت غضبها على صلبه، الشمس أظلمت، والأرض تزلزلت...
سمعت بنفسي قائد المائة الروماني يصرخ: أنت بالحقيقة ابن اللَّه؟ وديماس اللص سمع صوت يسوع المصلوب: اليوم تكون معي في الفردوس!
أحداث عجيبة لن تفارق ذاكرتي!"
صمت الكل وهم في دهشة.
الطفلة راعوث وجماعة اللصوص
صرخ أحد اللصوص: "اتركوا باراباس في أفكاره التي تحطمه. هلموا معي، فإنني أرى جماعة تسير نحو المقابر. لننهب ما معهم."
قال شاول: "انتظروا، فإنها جماعة غريبة. أراهم لا يركبون دوابًا، وليس معهم أوعية خبزٍ أو طعامٍ! بالتأكيد ليسوا قادمين لدفن ميت، لأني أسمع أصوات أغانٍ مفرحة وليس رثاءً مرًا. لا يحملون نعشًا! انظروا... بينهم أطفال صغار. لماذا يأخذونهم معهم إلى القبور، ألا يخافوا عليهم؟!"
قال نابال: "إنك على حق يا شاول... فإني أراهم متهللين، يسيرون كما في موكب عرس، لا بل كجنودٍ غالبين منتصرين، وليس كمن هم في جنازة!"
قال داود: "لنذهب إليهم ونرى أمر هذه الجماعة. لعلنا نجد معهم ما نغتصبه! لنسر بهدوء، إذ يبدو انهم لا يحملون سلاحًا!"
سار اللصوص نحو هذه الجماعة الغريبة، وتبعهم باراباس الذي جذبته أغاني الجماعة وبشاشة وجوههم العجيبة. اقتربوا نحوهم، وإذا بطفلة صغيرة تدعى راعوث تتقدم الجماعة لتلتقي بباراباس وتحييه:
- سلام يا باراباس!
- أتعرفينني؟
- نعم أعرفك تمامًا. أنت باراباس الذي احتل مخلصي يسوع مكانك، وصُلب لأجلي ولأجلك!
- العلكِ كنتِ أثناء المحاكمة بين الجماهير التي صرخت: ليطلق باراباس وليُصلب يسوع!
- لم أكن بينهم.
- إذن من أخبرك؟ أصدقاؤكِ أم والديكِ؟
- لا، بل ربي يسوع المسيح نفسه!
- أين التقيتِ به؟
- جاء إلينا في الجحيم، فإنني رحلت منذ قرابة آلف عامٍ من هذا العالم!. جاءت نفسه متهللة تحمل ديماس اللص، وحطم متاريس الهاوية وأطلقنا. خرجنا جميعًا معه إلى الفردوس!
لقد سمح لنا نحن أيضًا ليس فقط أن تخرج نفوسنا إلى الفردوس بل وأن ترجع إلى الأجساد لنقوم ونكرز بقيامته... وها نحن عائدون إلى القبور.
لقد تممنا رسالتنا... لنعد إلى الفردوس.
يسوعنا قد قام! بالحقيقة قام!
هذا هي لحننا الذي نترنم به منذ قيامتنا!
استعد يا باراباس ليكون لك نصيب معنا، فترى يسوعنا القائم من الأموات!
V v v
ما كان يأتي (السيد المسيح) ويقرع على الباب لو لم يكن يرغب في الدخول، فإن كان غير ساكنٍ فينا على الدوام، فلنلم أنفسنا!
القديس أمبروسيوس