رغب الناسك العجوز مرة أن يخرج من منسكه الصغير ويقصد الكنيسة الكبيرة
القريبة من منسكه أسوة بالمؤمنين الكثر الذين يزورونها ويطلبون من الرب.
ركع الناسك أمام الصليب الكبير القائم في وسط الكنيسة وقال:
يا رب, أريد أن أتألم معك ,
هلا أعطيتني مكانا لأكون على الصليب بدلا منك؟
تفاجأ الناسك بصوت المصلوب يقول له:
(سأحقق لك طلبك بشرط أن تعدني بالبقاء صامتا تماما طالما أنت على الصليب)
قبل الناسك بالشرط وأخذ مكان المصلوب دون أن يلاحظه أحد.
وصل رجل غني صلّى وغادر ناسيا محفظته المليئة بالمال الوفير,
فبقي الناسك صامتا. أتى بعده رجل فقير, وبينما كان يصلي لاحظ
المحفظة المليئة بالنقود على الأرض. فوجدها أخذها ومشى
وبقي الناسك صامتا.
ثم أتى شاب ليطلب الحماية في سفره بالباخرة لأنه ذاهب إلى بلاد بعيدة.
فيما كان الشاب المسافر يصلي وصل الرجل الغني يبحث عن محفظته
فاتهم الشاب بسرقتها وبدأ بالصراخ والشتائم وهدد باستدعاء الشرطة
التي أتت واحتجزت الشاب.
لم يستطع الناسك البقاء صامتا فنطق بالحقيقة وسط ذهول الجميع.
فركض الغني مسرعا وراء الفقير, والشاب مسرعا وراء الباخرة لئلا تفوته.
عندما فرغ المزار من الحجاج أتى الرب إلى الناسك وقال له:
(انزل لست مؤهلا أن تكون مكاني لأنك ام تبقى صامتا.)
أجاب الناسك: ولكن يا رب, هل يجب أن أبقى صامتا أمام مشكلة كهذه؟
فأجاب الرب:(كان يجب أن يضيّع الغني ماله لأنه سيصرفه في عملية قذرة جدا.
وكان على الفقير أن يأخذه لأنه بحاجة ماسّة له.
أما المسافر, فلو بقي في الحجز لكانت السفينة التي ستغرق في عرض
البحر قد فاتته وبقي على قيد الحياة.)
كم نتسرع مرارا في أحكامنا, ونلجأ إلى منطقنا,
وننسى أن الرب يرانا بمنطق مختلف لكنه أكثر أمانا وأوسع آفاقا.