تأسيس سر العشاء الربانى
رغبتي فى أن تَكُونُ كُلّ النفوس طاهرة عندما يَتناولوني في وليمة الحبِّ، دفعني لأن أغَسْل أقدامِ تلاميذي. لقد فعلت ذلك أيضاً لأشَرْح سر الاعتراف، الذي تستطيع النفوس التي سقطت فى محنة الخطيةِ، أَنْ تَغْسلَ نفسها وتَستعيدُ نقاوتَها المفقودةَ من خلاله.
بغسل أقدامِهم، أردتُ تَعليم النفوس التي لَهُا مهامُ رسوليه التَوَاضُع وأن يُعاملُوا الخطاة وكُلّ الأنفس التي ائتمنوا عليها بحنان.
لقد ائتزرت بمنشفة لأعلمهم أنه ليَكُونَوا ناجحين مع النفوس يَجِبُ أَنْ يُمنطقوا أنفسهم بالإهانةِ وبنكرانِ الذات.
لقد أردتُهم أَنْ يَتعلّموا المحبة المتبادلةَ وكيف يَجِبُ أَنْ يُطهّرَوا الأخطاءَ التى يُلاحظونَها في قريبهم ويَخفونها ويَغْفرونَ لهم دائماً بدون أن يكَشْفوا عن أخطائِهم أبداً. الماء الذي سَكبتُه على أقدامِ تلاميذي كَانَ انعكاس للتوهج الذي أستنفذ قلبَي بشهوة إنقاذِ البشر.
الحبّ الذي أحسست به في تلك اللحظة حيال البشر كُانْ لانهائي ولَمْ أُردْ أن أتَرْكهم يتامَي … كي أحيا معكم حتى اكتمال الوقتِ ولإظْهار حبِّي لكم، أردتُ أن أكُونَ أنفاسَكَم، حياتكَم، سندكَم، أردت أن أكون كُلّ شئ! حينئذ رَأيتُ كُلّ النفوس التى سَتتغذّي على مدى الزمن من جسدي ودمِّي، ورَأيتُ كُلّ التأثيرات الإلهية التى سيُحدثُها هذا الطعام في كثير من النفوس
ذلك الدمّ الذى بلا دنس سيلّدُ النقاوةَ والبتولية في نفوس عديدة؛ في نفوس آخري سيشعل نارَ الحبِّ والتأجج. تجمع كثيرين مِنْ شهداءِ الحبِّ في تلك الساعة أمام عيناي وفي قلبِي! نفوس أخرى عديدة، بعد أن اقترفت عديد مِنْ الآثام الخطيرة وضعفت من قبل المشاعر، ستأتي إلي كي تَجدد قوّتِها بخبزِ القوة!
كَمْ أوَدُّ أَنْ أُعلنَ عن مشاعرَ قلبِي لكُلّ النفوس! كَمْ أَرْغبُ أنّ يَعْرفوا الحبَّ الذى أحسست به نحوهم في العلية عندما أَسّستُ سر العشاء الرباني المُقدس. لا أحد يُستطيع أن أَنْ يَنْفذَ إلى مشاعرِ قلبِي أثناء تلك اللحظاتِ, مشاعر من الحبِّ والفرح والحنان, لكن عظيمَاً كَانَ أيضاً الأسى الذي أجتاح قلبَي.
هَلْ أنتم أرض جيدة لإنشاءِ بناية رائعة؟ نعم ولا … نعم، بسبب المواهب التي مَنحتُها لكم منذ ميلادكم؛ لا، بسبب الاستعمال الذي صَنعتَموه منها. أتَعتقدُون أنّ أرضَكَم ذات نسب مناسبةِ لإنشاء البناية التي أَشيدها ؟ أنها رديئة! إذن، على الرغم مِنْ كُلّ العناصر المعارضة الموجودة فيكم، إلا أن حساباتي لَنْ تَفْشلَ لأنها حرفتُي أن اخْتاَر الرديءُ للهدفِ الذى نويته فى نفسي. أنا لا أقع فى أي خطأ لأني أَستخدمُ براعة الفنان والحبَّ. إني أُشيّدُ بنشاط بدون إدراككم. رغبتكَم لمعْرِفة ما أَفعْلُه تخدمني لأبرهن لكم بأنّكم لا تَستطيعُوا أن تفعلوا أَو تعْرفُوا أيّ شئَ دون أن أرغب أنا ذلك, لقد حان وقت العَمَل، لا تسْألوُني أيّ شئِ لأن هناك شخص ما يُفكّرُ بشأنكم.
أُريدُ أن أخْبر أحبائي عن الأسى والألم الهائل الذي مَلأَ قلبَي فى تلك الليلةِ. بالرغم من أنَّ فرحي كَانَ عظيماً بأن أصبحَ الغذاءَ الإلهي للنفوس ورفيقِ البشر حتى نّهاية الأيامِ، وبرُؤية الكثيرين الذين يقدمون لى الإجلال والحبّ والتعويض، عظيم كَانَ الحزنَ الذي سبّبَه لى تَأَمُّل كُلّ تلك النفوس التي كَانتْ تَتخلّى عنّي في الهيكل والكثيرِين الذي يَشْكّونَ في وجودِي في العشاء الرباني المقدّسِ.
كم من قلوب ملوّثة ومُتسّخُة ومُمزّقَة بالخطيئةِ يَجِبُ أَنْ أَدْخلَها! وكيف أن تدنيس جسدى ودمّي سيُصبحُ سببَ لإدانةِ عديد من النفوس! أنكم لا تَستطيعُوا فَهْم الطريقةِ التي تَأمّلتُ بها كُلّ تدنيس للمقدسات والإهانات والبغض الهائل الذى سَيقترف ضدّي والساعاتِ العديدة التى سأقضيها وحيداً في الهياكل. عديد من الليالي الطويلةِ! كم من أناس سيَرْفضون نداءاتَ المحبّةَ التي سَتُوجّهُ لهم.
لأجل محبِّتي للنفوس، أَظْلُّ سجيناً في القربان المقدسِ، كي يكون بإمكانكم أَنْ تَذْهبَوا لتَعْزِية أنفسكم في أحُزانِكَم وضيقاتكم مع أكثر القلوبِ حناناً، مَع أفضل الآباءِ، مَع أكثر الأصدقاء إخلاصاً. لكن ذلك الحبِّ المتوهج من أجل خير جنس الإنسان، لن يُكافئ بحب يعادله.
أنني أحيا بين الخطاة كي أكُونَ خلاصهم وحياتَهم، لأكون طبيبهم ودوائهم؛ ومع ذلك، بالمقابل، بالرغم مِنْ طبيعتِهم المريضةِ، سَيُبعدُون أنفسهم عنّي. سيُهينونَني ويَحتقرونَني.
أبنائي، أيها الخطاة المساكين! لا تُبعدْوا أنفسكم عنّي. إني أَنتظرُكم ليلاً ونهاراً في وعاء القربان. فأنا لَنْ أَنتقدَ جرائمَكَم؛ لَنْ أَلقي بآثامَكَم في وجوهِكِم. ما سأفعْلُه هو أَنْني سأَغْسلَكم بدمِّ جراحِي. لا تَخافوا، تعالوا إلّي. أنكم لا تَعْرفُون كَمْ أَحبُّكم.
وأنتم أيها الأحباء، لماذا أنتم فاترين وغير مباليين بمحبِّتي؟ أَعْلم أنّكم يَجِبُ أَنْ تعتنوا باحتياجاتَ عائلاتِكِم وبيوتكَم، وبالعالمِ الذي يَدْعوكم باستمرار. لكن، أليس لديكم لحظة لتأتوا وتعْطوني برهانِ عن محبِّتكَم وامتنانِكَم؟ لا تدعوا عديد من المشاغل العديمة الجدوى تَجذبكم بعيداً؛ ادخروا لحظة مِنْ وقتِكِم لزيَاْرَة أسيرِ الحبِّ. إن مرض جسدِكَ، ألا يمكنك أن تجد بضع دقائق للبَحْث عن طبيب ليعَالَجَكم؟ تعالوا لمَنْ يَسْتَطيع إعْطائكم قوّةَ وصحةَ النفس. أعطِوا صدقة الحبِّ لهذا الشحاذِ الإلهي، الذي يَدْعوكم، الذي يُريدُكم ويَنتظرُكم.
سَتُحدثُ هذه الكلماتِ تأثيرَ حقيقي وعظيم في النفوس. أنها سَتنْفذ إليهم في العائلات والمَدارِس والاجتماعات الدينية، فى المستشفيات والسجون، وسَتَخْضعُ نفوس عديدة لحبِّي. ستَأْتي أعظمُ آلامُي من الكهنةِ والراهباتِ.
في اللحظة التى أَسّستُ فيها سر العشاء الربانى المقدّسَ، رَأيتُ كُلّ النفوس المميّزة التي سَتتُغذّي بجسدِي ودمِّي والتأثيراتِ التى ستحدث فيهم.
إلى البعضِ، جسدي سَيَكُونُ العلاج لضعفِهم. لآخرين, سيكون نار ستَنْجحُ في تَبديد تعاستِهم، تُشعلُهم بالحبِّ. آه! إن تلك النفوس التى تَجمّعتْ أمامي سَتَكُونُ حديقةَ هائلةَ سيُنتجُ كُلّ نبات فيها زهرة مختلفة، لكن الجميع سيبهجونني برائحتِهم. جسدي سَيَكُونُ الشمسَ التي تُعيدُهم إلى الحياةِ. أنا سَأَجيءُ إلى البعضِ لأتعزى، لآخرين لأختبئ، سَأَرتاحُ في آخرين. لو كنتم فقط تعرفون يا أحبائي كم هو سهل أَنْ تَعزّوا وتُخبئوا وتريحوا إلهكم.
هذا الإله الذي يَحبُّكم بحبِّ لانهائيِ بعد أن أطْلق سراحكم مِنْ عبوديةِ الخطيئةِ، قد غَرسَ فيكم نعمة الكهنوت التى لا تضاهى. لقد أعادَكم بطريقة غامضة إلى حديقةِ أفراحه. هذا الإله، مخلصكَم، أَصْبَحَ عريسكم. أنه يَغذّيكم بنفسه بجسدِه الطاهر ويَرْوي عطشَكَم بدمِّه. أنكم سَتَجِدُون فيّ الراحةَ والسعادةَ.
أبنتي الصَغيرة! لماذا نفوس كثيرة، بعد أن امتلأَت بعديد من البركاتِ والنعم، تكُونَ سببَ مثل هذا الحزنِ في قلبِي؟ ألَسْتُ دائماً نفس الإله؟ هَلْ تَغيّرتُ نحوكم, كلا! أنا لا أَتغيّرَ البتة، وسَأَحبُّكم بشغف وبحنان حتى النّهاية.
أَعْرفُ أنّكم ممتلئين بالتعاسةِ، لكن هذا لَنْ يمنع عنكم نظراتِي الحنونةِ واَنتظاري لكم بلهفة, لَيسَ فقط لأريّحَكم من تعاستَكَم، بل لأملئكم ببركاتِي أيضاً.
إن سْألُتكم عن محبِّتكَم، فلا تنكروها مني. من السّهل جداً أن تحبَّوا من هو الحبُّ نفسه. إن سْألُت عن شئ عزيزِ لطبيعتِكَم، فإني أَعطيكم النعمةَ والقوّةَ الضروريان لتستطيعوا أَنْ تَكُونَوا موضع راحتَي. اسمحْوا لي أن أجئ إلى نفوسكم, وإن لم تَجِدُوا فيكم أيّ شئ يستحقني، اخبرُوني بتواضعِ وبثقةِ " إلهي، بإمكانك أَنْ تَرى الثمارَ التى تنتجها الشجرةِ. تعال وأخبرْني ماذا علىّ أن أفعل، كي تُثمر من الآنَ الثمارَ التي تَرْغبُها."
إن أخبرُتني النفس بهذا برغبة حقيقية لإثْبات محبّتِها، سَأُجيبُها: " أيتها النفس العزيزة، اسْمحُي لي أن أُفِلّح محبتِّكَ "
هَلْ تَعْرفُوا الثمارَ التي سَتَحْصلُون عليها؟ الغلبة على طبيعتِكَم سَيُصلِح الإساءات؛ سَيُكفّرُ عن العيوبِ. إن لَمْ تُضطربوا عندما تُصحّحُون وتتَقْبلُوا ذلك بسرور، سَتَحدثون تغيّيرُ فى تلك النفوس المعمية بالكبرياءِ ولسوف تتضع وتَسْألُ عن المغفرةِ.
هذا ما سأفعْله في نفوسكم إن سْمحُتم لي بالعَمَل بحرية. الحديقة لَنْ تَُزهر فى الحال، لَكنَّكم ستمنحونني طمأنينة كبيرَة لقلبِي.
كُلّ هذا مَرَّ أمامي عندما أَسّستُ سر العشاء الرباني المقدسَ وكنت مُشتعل برغبةِ أن أغْذِي النفوس. أنني لم أكن سأَظْلُّ على الأرضِ لأحيى مع كائناتِ مثاليةِ، بل بالأحرى لأحَمْل الضعفاءِ ولأَغذّي الأطفالَ, لأَجْعلُهم يَكْبرونَ، لأُنشّطُ نفوسهم ليُستريحُوا من تعاستِهم، ورغباتهم الطيبة ستَعزّيني.
لكن ضمن مُختاريني هناك نفوس تُسبّبُ لي الحُزنَ. هَلْ سيُثابرونَ جميعاً؟ هذه هي صيحةُ الألمِ التي فْلتُت مِنْ قلبِي؛ هذا هو الأنينُ الذي أُريدُ أَنْ تسْمعَه النفوس.
إنّ الحبَّ الأزلي يَبْحثُ عن النفوس التي قَدْ تقُولُ أشياءَ جديدةَ حول الحقائقِ القديمةِ المعروفةِ. الحبِّ اللانهائي يريد أن يخَلْق في صدرِ الإنسانيةِ قضاء الرحمةِ المحضةِ ولَيسَ قضاء العدالةِ. لِهذا تتُضاعفُ الرسائل في جميع أنحاء العالم. مَنْ يَفْهمُ هذا يتعجبُ من عملِها، يَستغلُّها، ويُساعدُ الآخرين لينتفعوا منها أيضاً. مَنْ لا يَفْهمُ، يَظل عبد الروحِ الذي يَمُوتُ ويُدانُ.
إلى هؤلاء أُوجّهْ كلامَ دينونتى، لأنهم يُعرقلونَ عملَي الإلهي ويصبحون شركاءَ الشيطانِ.
عندما يُدينونَ، فأنهم يَغطّون ويَضطهدونَ الذي يَأْتي لَيس مِنْ مخلوق بل مِنْ الخالقِ، إن ذكائَهم يُحدثُ ضغوطاً على عقولِهم الطفوليةِ. إني أُظهرُ معرفتَي لمن دَعوتُهم صَغاري، من ناحية أخرى، أخفيها عنْ المتكبرينِ.
أيتها النفس، اسْمحُي لي أن أسُكْب نفسي فيك. صيري صمام قلبِي لأن هناك دائماً شخص ما يَقْمعُ حبَّي
[b]منقول
رغبتي فى أن تَكُونُ كُلّ النفوس طاهرة عندما يَتناولوني في وليمة الحبِّ، دفعني لأن أغَسْل أقدامِ تلاميذي. لقد فعلت ذلك أيضاً لأشَرْح سر الاعتراف، الذي تستطيع النفوس التي سقطت فى محنة الخطيةِ، أَنْ تَغْسلَ نفسها وتَستعيدُ نقاوتَها المفقودةَ من خلاله.
بغسل أقدامِهم، أردتُ تَعليم النفوس التي لَهُا مهامُ رسوليه التَوَاضُع وأن يُعاملُوا الخطاة وكُلّ الأنفس التي ائتمنوا عليها بحنان.
لقد ائتزرت بمنشفة لأعلمهم أنه ليَكُونَوا ناجحين مع النفوس يَجِبُ أَنْ يُمنطقوا أنفسهم بالإهانةِ وبنكرانِ الذات.
لقد أردتُهم أَنْ يَتعلّموا المحبة المتبادلةَ وكيف يَجِبُ أَنْ يُطهّرَوا الأخطاءَ التى يُلاحظونَها في قريبهم ويَخفونها ويَغْفرونَ لهم دائماً بدون أن يكَشْفوا عن أخطائِهم أبداً. الماء الذي سَكبتُه على أقدامِ تلاميذي كَانَ انعكاس للتوهج الذي أستنفذ قلبَي بشهوة إنقاذِ البشر.
الحبّ الذي أحسست به في تلك اللحظة حيال البشر كُانْ لانهائي ولَمْ أُردْ أن أتَرْكهم يتامَي … كي أحيا معكم حتى اكتمال الوقتِ ولإظْهار حبِّي لكم، أردتُ أن أكُونَ أنفاسَكَم، حياتكَم، سندكَم، أردت أن أكون كُلّ شئ! حينئذ رَأيتُ كُلّ النفوس التى سَتتغذّي على مدى الزمن من جسدي ودمِّي، ورَأيتُ كُلّ التأثيرات الإلهية التى سيُحدثُها هذا الطعام في كثير من النفوس
ذلك الدمّ الذى بلا دنس سيلّدُ النقاوةَ والبتولية في نفوس عديدة؛ في نفوس آخري سيشعل نارَ الحبِّ والتأجج. تجمع كثيرين مِنْ شهداءِ الحبِّ في تلك الساعة أمام عيناي وفي قلبِي! نفوس أخرى عديدة، بعد أن اقترفت عديد مِنْ الآثام الخطيرة وضعفت من قبل المشاعر، ستأتي إلي كي تَجدد قوّتِها بخبزِ القوة!
كَمْ أوَدُّ أَنْ أُعلنَ عن مشاعرَ قلبِي لكُلّ النفوس! كَمْ أَرْغبُ أنّ يَعْرفوا الحبَّ الذى أحسست به نحوهم في العلية عندما أَسّستُ سر العشاء الرباني المُقدس. لا أحد يُستطيع أن أَنْ يَنْفذَ إلى مشاعرِ قلبِي أثناء تلك اللحظاتِ, مشاعر من الحبِّ والفرح والحنان, لكن عظيمَاً كَانَ أيضاً الأسى الذي أجتاح قلبَي.
هَلْ أنتم أرض جيدة لإنشاءِ بناية رائعة؟ نعم ولا … نعم، بسبب المواهب التي مَنحتُها لكم منذ ميلادكم؛ لا، بسبب الاستعمال الذي صَنعتَموه منها. أتَعتقدُون أنّ أرضَكَم ذات نسب مناسبةِ لإنشاء البناية التي أَشيدها ؟ أنها رديئة! إذن، على الرغم مِنْ كُلّ العناصر المعارضة الموجودة فيكم، إلا أن حساباتي لَنْ تَفْشلَ لأنها حرفتُي أن اخْتاَر الرديءُ للهدفِ الذى نويته فى نفسي. أنا لا أقع فى أي خطأ لأني أَستخدمُ براعة الفنان والحبَّ. إني أُشيّدُ بنشاط بدون إدراككم. رغبتكَم لمعْرِفة ما أَفعْلُه تخدمني لأبرهن لكم بأنّكم لا تَستطيعُوا أن تفعلوا أَو تعْرفُوا أيّ شئَ دون أن أرغب أنا ذلك, لقد حان وقت العَمَل، لا تسْألوُني أيّ شئِ لأن هناك شخص ما يُفكّرُ بشأنكم.
أُريدُ أن أخْبر أحبائي عن الأسى والألم الهائل الذي مَلأَ قلبَي فى تلك الليلةِ. بالرغم من أنَّ فرحي كَانَ عظيماً بأن أصبحَ الغذاءَ الإلهي للنفوس ورفيقِ البشر حتى نّهاية الأيامِ، وبرُؤية الكثيرين الذين يقدمون لى الإجلال والحبّ والتعويض، عظيم كَانَ الحزنَ الذي سبّبَه لى تَأَمُّل كُلّ تلك النفوس التي كَانتْ تَتخلّى عنّي في الهيكل والكثيرِين الذي يَشْكّونَ في وجودِي في العشاء الرباني المقدّسِ.
كم من قلوب ملوّثة ومُتسّخُة ومُمزّقَة بالخطيئةِ يَجِبُ أَنْ أَدْخلَها! وكيف أن تدنيس جسدى ودمّي سيُصبحُ سببَ لإدانةِ عديد من النفوس! أنكم لا تَستطيعُوا فَهْم الطريقةِ التي تَأمّلتُ بها كُلّ تدنيس للمقدسات والإهانات والبغض الهائل الذى سَيقترف ضدّي والساعاتِ العديدة التى سأقضيها وحيداً في الهياكل. عديد من الليالي الطويلةِ! كم من أناس سيَرْفضون نداءاتَ المحبّةَ التي سَتُوجّهُ لهم.
لأجل محبِّتي للنفوس، أَظْلُّ سجيناً في القربان المقدسِ، كي يكون بإمكانكم أَنْ تَذْهبَوا لتَعْزِية أنفسكم في أحُزانِكَم وضيقاتكم مع أكثر القلوبِ حناناً، مَع أفضل الآباءِ، مَع أكثر الأصدقاء إخلاصاً. لكن ذلك الحبِّ المتوهج من أجل خير جنس الإنسان، لن يُكافئ بحب يعادله.
أنني أحيا بين الخطاة كي أكُونَ خلاصهم وحياتَهم، لأكون طبيبهم ودوائهم؛ ومع ذلك، بالمقابل، بالرغم مِنْ طبيعتِهم المريضةِ، سَيُبعدُون أنفسهم عنّي. سيُهينونَني ويَحتقرونَني.
أبنائي، أيها الخطاة المساكين! لا تُبعدْوا أنفسكم عنّي. إني أَنتظرُكم ليلاً ونهاراً في وعاء القربان. فأنا لَنْ أَنتقدَ جرائمَكَم؛ لَنْ أَلقي بآثامَكَم في وجوهِكِم. ما سأفعْلُه هو أَنْني سأَغْسلَكم بدمِّ جراحِي. لا تَخافوا، تعالوا إلّي. أنكم لا تَعْرفُون كَمْ أَحبُّكم.
وأنتم أيها الأحباء، لماذا أنتم فاترين وغير مباليين بمحبِّتي؟ أَعْلم أنّكم يَجِبُ أَنْ تعتنوا باحتياجاتَ عائلاتِكِم وبيوتكَم، وبالعالمِ الذي يَدْعوكم باستمرار. لكن، أليس لديكم لحظة لتأتوا وتعْطوني برهانِ عن محبِّتكَم وامتنانِكَم؟ لا تدعوا عديد من المشاغل العديمة الجدوى تَجذبكم بعيداً؛ ادخروا لحظة مِنْ وقتِكِم لزيَاْرَة أسيرِ الحبِّ. إن مرض جسدِكَ، ألا يمكنك أن تجد بضع دقائق للبَحْث عن طبيب ليعَالَجَكم؟ تعالوا لمَنْ يَسْتَطيع إعْطائكم قوّةَ وصحةَ النفس. أعطِوا صدقة الحبِّ لهذا الشحاذِ الإلهي، الذي يَدْعوكم، الذي يُريدُكم ويَنتظرُكم.
سَتُحدثُ هذه الكلماتِ تأثيرَ حقيقي وعظيم في النفوس. أنها سَتنْفذ إليهم في العائلات والمَدارِس والاجتماعات الدينية، فى المستشفيات والسجون، وسَتَخْضعُ نفوس عديدة لحبِّي. ستَأْتي أعظمُ آلامُي من الكهنةِ والراهباتِ.
في اللحظة التى أَسّستُ فيها سر العشاء الربانى المقدّسَ، رَأيتُ كُلّ النفوس المميّزة التي سَتتُغذّي بجسدِي ودمِّي والتأثيراتِ التى ستحدث فيهم.
إلى البعضِ، جسدي سَيَكُونُ العلاج لضعفِهم. لآخرين, سيكون نار ستَنْجحُ في تَبديد تعاستِهم، تُشعلُهم بالحبِّ. آه! إن تلك النفوس التى تَجمّعتْ أمامي سَتَكُونُ حديقةَ هائلةَ سيُنتجُ كُلّ نبات فيها زهرة مختلفة، لكن الجميع سيبهجونني برائحتِهم. جسدي سَيَكُونُ الشمسَ التي تُعيدُهم إلى الحياةِ. أنا سَأَجيءُ إلى البعضِ لأتعزى، لآخرين لأختبئ، سَأَرتاحُ في آخرين. لو كنتم فقط تعرفون يا أحبائي كم هو سهل أَنْ تَعزّوا وتُخبئوا وتريحوا إلهكم.
هذا الإله الذي يَحبُّكم بحبِّ لانهائيِ بعد أن أطْلق سراحكم مِنْ عبوديةِ الخطيئةِ، قد غَرسَ فيكم نعمة الكهنوت التى لا تضاهى. لقد أعادَكم بطريقة غامضة إلى حديقةِ أفراحه. هذا الإله، مخلصكَم، أَصْبَحَ عريسكم. أنه يَغذّيكم بنفسه بجسدِه الطاهر ويَرْوي عطشَكَم بدمِّه. أنكم سَتَجِدُون فيّ الراحةَ والسعادةَ.
أبنتي الصَغيرة! لماذا نفوس كثيرة، بعد أن امتلأَت بعديد من البركاتِ والنعم، تكُونَ سببَ مثل هذا الحزنِ في قلبِي؟ ألَسْتُ دائماً نفس الإله؟ هَلْ تَغيّرتُ نحوكم, كلا! أنا لا أَتغيّرَ البتة، وسَأَحبُّكم بشغف وبحنان حتى النّهاية.
أَعْرفُ أنّكم ممتلئين بالتعاسةِ، لكن هذا لَنْ يمنع عنكم نظراتِي الحنونةِ واَنتظاري لكم بلهفة, لَيسَ فقط لأريّحَكم من تعاستَكَم، بل لأملئكم ببركاتِي أيضاً.
إن سْألُتكم عن محبِّتكَم، فلا تنكروها مني. من السّهل جداً أن تحبَّوا من هو الحبُّ نفسه. إن سْألُت عن شئ عزيزِ لطبيعتِكَم، فإني أَعطيكم النعمةَ والقوّةَ الضروريان لتستطيعوا أَنْ تَكُونَوا موضع راحتَي. اسمحْوا لي أن أجئ إلى نفوسكم, وإن لم تَجِدُوا فيكم أيّ شئ يستحقني، اخبرُوني بتواضعِ وبثقةِ " إلهي، بإمكانك أَنْ تَرى الثمارَ التى تنتجها الشجرةِ. تعال وأخبرْني ماذا علىّ أن أفعل، كي تُثمر من الآنَ الثمارَ التي تَرْغبُها."
إن أخبرُتني النفس بهذا برغبة حقيقية لإثْبات محبّتِها، سَأُجيبُها: " أيتها النفس العزيزة، اسْمحُي لي أن أُفِلّح محبتِّكَ "
هَلْ تَعْرفُوا الثمارَ التي سَتَحْصلُون عليها؟ الغلبة على طبيعتِكَم سَيُصلِح الإساءات؛ سَيُكفّرُ عن العيوبِ. إن لَمْ تُضطربوا عندما تُصحّحُون وتتَقْبلُوا ذلك بسرور، سَتَحدثون تغيّيرُ فى تلك النفوس المعمية بالكبرياءِ ولسوف تتضع وتَسْألُ عن المغفرةِ.
هذا ما سأفعْله في نفوسكم إن سْمحُتم لي بالعَمَل بحرية. الحديقة لَنْ تَُزهر فى الحال، لَكنَّكم ستمنحونني طمأنينة كبيرَة لقلبِي.
كُلّ هذا مَرَّ أمامي عندما أَسّستُ سر العشاء الرباني المقدسَ وكنت مُشتعل برغبةِ أن أغْذِي النفوس. أنني لم أكن سأَظْلُّ على الأرضِ لأحيى مع كائناتِ مثاليةِ، بل بالأحرى لأحَمْل الضعفاءِ ولأَغذّي الأطفالَ, لأَجْعلُهم يَكْبرونَ، لأُنشّطُ نفوسهم ليُستريحُوا من تعاستِهم، ورغباتهم الطيبة ستَعزّيني.
لكن ضمن مُختاريني هناك نفوس تُسبّبُ لي الحُزنَ. هَلْ سيُثابرونَ جميعاً؟ هذه هي صيحةُ الألمِ التي فْلتُت مِنْ قلبِي؛ هذا هو الأنينُ الذي أُريدُ أَنْ تسْمعَه النفوس.
إنّ الحبَّ الأزلي يَبْحثُ عن النفوس التي قَدْ تقُولُ أشياءَ جديدةَ حول الحقائقِ القديمةِ المعروفةِ. الحبِّ اللانهائي يريد أن يخَلْق في صدرِ الإنسانيةِ قضاء الرحمةِ المحضةِ ولَيسَ قضاء العدالةِ. لِهذا تتُضاعفُ الرسائل في جميع أنحاء العالم. مَنْ يَفْهمُ هذا يتعجبُ من عملِها، يَستغلُّها، ويُساعدُ الآخرين لينتفعوا منها أيضاً. مَنْ لا يَفْهمُ، يَظل عبد الروحِ الذي يَمُوتُ ويُدانُ.
إلى هؤلاء أُوجّهْ كلامَ دينونتى، لأنهم يُعرقلونَ عملَي الإلهي ويصبحون شركاءَ الشيطانِ.
عندما يُدينونَ، فأنهم يَغطّون ويَضطهدونَ الذي يَأْتي لَيس مِنْ مخلوق بل مِنْ الخالقِ، إن ذكائَهم يُحدثُ ضغوطاً على عقولِهم الطفوليةِ. إني أُظهرُ معرفتَي لمن دَعوتُهم صَغاري، من ناحية أخرى، أخفيها عنْ المتكبرينِ.
أيتها النفس، اسْمحُي لي أن أسُكْب نفسي فيك. صيري صمام قلبِي لأن هناك دائماً شخص ما يَقْمعُ حبَّي
[b]منقول