اسمي شاول. نشأت في مدينة طرسوس. ربما تتساءل: أين تقع هذه المدينة؟ وسؤالك في مكانه، إذ أنّ هذه المدينة ليست معروفة كالقاهرة أو دمشق أو عمان أو بيروت أو أية عاصمة أخرى.
فمدينة طرسوس تقع على ضفة نهر كيدنوس في جنوب تركيا، وتبعد حوالي خمسة عشر كيلومتراً عن البحر المتوسط.
في السنوات الأولى من حياتي كانت مدارس طرسوس عاصمة كيليكية، إحدى الولايات الرومانية آنذاك، تضاهي مدارس أثينا والاسكندرية شهرة. وبدافع حب المعرفة، دخلت إحدى المدارس حيث تضلعت في اللغتين اليونانية واللاتينية علماً وثقافة.
كان أبي رجلاً محترماً وتقياً. فأرشدني لأحفظ وصايا الله في التوراة منذ حداثتي، لأعمل بموجبها بدقة. أرسلني عندما كبرت إلى القدس، لكي أتعلم الشرائع المقدسة باللغة العبرية على يد غمالائيل أفضل المعلمين آنذاك.
وقد عزّ عليّ أن أودّع والديّ وإخوتي، غير أنّ السفر بالسفينة عبر البحر المتوسط كان مغامرة بالنسبة لي. فكل شيء كان جديداً ومثيراً. فباطن السفنية مكدّس بالأمتعة بينما انهمك البحارة بنصب الأشرعة على ظهر السفينة. وفي طريقنا مررنا بجزر صغيرة وكبيرة، حيث رست السفينة في بعض المرافئ لتصطحب مسافرين آخرين وتشحن سلعاً متنوعة.
بعد وصولي بخير إلى القدس، ابتدأت مرحلة جديدة في سيرة حياتي. فجلست بشغف عند رجلي العلامة غمالائيل الحكيم، الذي حثتني معرفته الواسعة أن أتعمق أكثر في شريعة موسى في العهد القديم. وقد تركت هذه الشرائع أثراً عميقاً في فكري وسلوكي. وصارت أمنيتي الوحيدة أن أكرس ذاتي كلياً لله ومشيئته، أدافع عنه وأكافح لأجله.
ولم يمض الكثير من الوقت حتى حانت الفرصة لأبرهن عن اجتهادي الغيور هذا.
عاش في القدس رجال أتقياء من أتباع يسوع الناصري. الذي حُكم عليه بالصلب على أيام الحاكم الروماني بيلاطس البنطي. وكان تلاميذه يدّعون أنّ يسوع هذا قد قام من بين الأموات وصعد إلى السماء. فاعتبرت هذه الشهادة أعظم تجديف يمكن أن يتفوه به إنسان. ولكن عدد المؤمنين بيسوع كان في ازدياد مستمر. والمرعب في الأمر أن أنصاره كانوا يصنعون باسمه آيات وعجائب كثيرة. بالنسبة لي كانوا كذابين وغشاشين، ويجب الضغط عليهم حتى يتركوا هذه البدعة وإلا قتلوا. لقد منعهم الكهنة من التكلم عن يسوع، لكن دون جدوى. فانتشر هذا الإيمان الجديد بسرعة كانتشار النار في الهشيم.
كم فرحت وأنا أراقب رجم استفانوس، أحد أتباع هذه البدعة بالحجارة. لقد اتهم استفانوس رؤساء الكهنة علانية أنهم قتلوا المسيح. فجرّوه للّرجم خارج المدينة. وأثناء رجمه، رفع عينيه إلى السماء صارخاً: «انظروا، إني أرى السماء مفتوحة وابن الإنسان قائماً عن يمين الله».
عندما سمعت هذا القول لم أستطع إلا أن أسدّ أذنيّ حتى لا أسمع تجديفاً مثل هذا. كيف يكون إنسان اعمى البصيرة إلى هذا المقدار، حتى يقول أن يسوع المرفوض هو عن يمين الله؟
وكان اعتقادي أن متعصباً مثله يجب أن يُعدم فوراً. ليس هو فقط بل كل أتباع يسوع أيضاً، لأنهم دعوا الناصري ابن الله.
أصبحت أمنيتي أن أتعقب المؤمنين بيسوع، حتى لا يهرب أحد من يدي.
أخذت أتجسس عن مكان وزمان اجتماعاتهم. فدخلت منازلهم وسقت رجالهم ونساءهم إلى السجن بدون رحمة.
ونجحت في مداهماتي تمام النجاح حتى هرب الكثيرون من القدس لشدة خوفهم مني لئلا أجدهم وأسجنهم.
ولكني لم أكتف بذلك، بل كنت أجتهد في أن يُنكر أتباع يسوع إيمانهم وعقيدتهم حتى يرتدوا عنها أو يفقدوا حياتهم. وقصدت بهذه الغيرة أن أرضي الله وأقدم له خدمة صالحة كعبد أمين له.
عندما وصلني خبر التجاء أتباع يسوع إلى دمشق وتجمعهم هناك، تقدمت دون تأخر إلى رئيس الكهنة، وطلبت منه تفويضاً لإلقاء القبض على كل الذين أحبوا يسوع وآمنوا به في الشام.
لم أسافر إلى دمشق منفرداً، بل اصطحبت معي بعض الرجال لحراستي ومساعدتي في تنفيذ خطتي، لنقود جميع الذين أحبوا يسوع، من رجال ونساء، إلى القدس موثقين بالقيود الحديدية. عندها يعرفون نتيجة إيمانهم بكلمات يسوع وعدم خضوعهم لكلمات رؤساء الكهنة.
وصلت إلى مقربة من دمشق ظهراً، حيث شاهدت أمامي المدينة تحت أشعة الشمس المنعكسة على البرية.
وفجأة أشرق حولي نور براق أبهر من الشمس. فسقطت على الأرض، وسمعت صوتاً واضحاً يناديني شخصياً: «شاول شاول، لماذا تضطهدني؟».
فرددت مرتعباً متمتماً: «يا رب من أنت؟». فأجابني بصوته مرة أخرى: «أنا يسوع الذي أنت تضطهده». هل يسوع حيّ؟ ألم يمت في القبر؟ حقاً هو ابن الله. في لمحة البرق تضاربت هذه الأفكار في ذهني، فأجبته ساجداً، وكلي خوف وسألت: «يا رب، ماذا تريد أن أفعل؟».
فقال الرب لي: «قم واذهب إلى المدينة، وهناك يُقال لك ماذا تفعل».
وعندما قمت من الأرض اختفى النور. وحاولت فتح عينيّ، لكن الظلام الدامس كان يلفني ولم أر شيئاً. وأدركت بفزع أنني فقدت البصر واصبحت أعمى.
وكم كنت شاكراً لشعور رفاقي الصادق والعميق بسبب سقوطي وما حل بي، خصوصاً أنهم سمعوا الصوت ولكنهم لم يروا النور.
فأمسكوني بيدي وقادوني إلى الشام، إلى منزل أحد الرجال الذي بيته في شارع المستقيم.
ومكثت هناك ثلاثة أيام: لم أرَ الشمس ولم آكل ولم أشرب. فانكسرت أمام الرب إذ أدركت حالة عداوتي تجاه الله. كنت أعتقد إلى هذه اللحظة أني بار وبلا لوم وثابت في التديّن الحقيقي، أرضي الله وأخدمه.
ولكني بالحقيقة كنت أضطهد الرب الحي. ولأول مرة ظهرت حياتي السابقة مختلفة كل الاختلاف في ضوء النور الإلهي. لم يبق فيّ شيء صالح، لم يبق لي حق أمام الله. كل خطاياي ومعاصيّ قامت بيني وبينه.
أنا الذي قصدت أن أكون أتقى الأتقياء، اكتشفت أمام الرب أني أنا أول جميع الخطاة.
قادني إدراك فسادي إلى الصلاة الملحة. فصرخت إلى الرب واعترفت بخطيتي أمامه. واستجاب لي وسامحني غافراً ذنبي. فأصبحت بالرغم من عماي الخارجي مبصراً في القلب. أدركت أن يسوع مات حقاً على الصليب من أجل الخطاة، وأنه قام من بين الأموات وأنه حي وجالس عن يمين الله أبيه.
عندما آمنت بنعمته ملأ يسوع قلبي فرحاً وسلاماً. لا أقدر أن أصف لك عزيزي القارئ هذا التغيير ولكن لك الامتياز أن تختبره بنفسك لكي تفهم فرح الرب في قلبي. لم أعلم مستقبل حياتي. إنما شيء واحد كان واضحاً لي وهو: أنّ الرب الذي دعاني باسمي أمام دمشق، سوف يرشدني ويهتم بمستقبلي.
لم يُخيَّب الرب الحي أملي. فحنانيا أحد تلاميذ يسوع في دمشق، أتى إليّ بأمر الله ووضع يديه على رأسي قائلاً: «أخي العزيز شاول، لقد أرسلني إليك الرب الذي ظهر لك في الطريق لأخبرك بأنه سيعيد بصرك ثانية، وستمتلئ بالروح القدس».
عندئذ سقط مثل قشور من عينيّ، واستطعت أن أبصر ثانية. وهكذا اختبرت أن يسوع قادر على صنع العجائب. فلم يشفِ عينيّ الضريرتين لأبصر من جديد فحسب، بل الأهم من ذلك أنه شفى نفسي وأنار ذهني وحقق فيّ وعده الأمين: «إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً» (يوحنا 8: 36).
اعتبرت نفسي عندئذ موهوباً بكل موهبة روحية، لأني حصلت على نعمة الغفران المجاني، وحلت فيّ قوة الروح القدس، الذي عزاني وشهد لي بأنني أصبحت ابناً لله. فلا مانع بعد ذلك من أن أعتمد على اسم يسوع. وصرّحت بهذه المعمودية علانية أن يسوع المسيح هو الرب، وأنني سلمت نفسي له عبداً إلى الأبد.
قد انتهى الحزن والصوم فتلذذت بشكر وحمد، وأنا أتناول الطعام الذي قدمه إليّ إخوتي وأخواتي الجدد، وفرحت بشركتهم وأصبحت واحداً معهم في المسيح.
لم أستطع أن أحتفظ لنفسي باختباراتي مع يسوع، فمكثت فترة في دمشق أبشر باسمه في المدارس والمجامع. وقد اندهش الجميع عندما أدركوا أن الذي كان يضطهد أتباع يسوع، أصبح نفسه أحد تلاميذه. فاغتاظ بعض الرؤساء وقرروا قتلي. لذلك تركت دمشق سراً في الليل حيث وضعني الإخوة في سلة وأنزلوني من فوق السور إلى خارج المدينة. وهكذا أصبحت رسولاً للمسيح. وبعد فترة أطلقوا عليّ اسم بولس.
وحيثما توجهت أعلنت البشارة السارة أن يسوع هو المسيح الحي والمخلص والرب. وكل من يقبل هذه البشارة يصبح إنسانأً جديداً وسعيداً مثلي
فمدينة طرسوس تقع على ضفة نهر كيدنوس في جنوب تركيا، وتبعد حوالي خمسة عشر كيلومتراً عن البحر المتوسط.
في السنوات الأولى من حياتي كانت مدارس طرسوس عاصمة كيليكية، إحدى الولايات الرومانية آنذاك، تضاهي مدارس أثينا والاسكندرية شهرة. وبدافع حب المعرفة، دخلت إحدى المدارس حيث تضلعت في اللغتين اليونانية واللاتينية علماً وثقافة.
كان أبي رجلاً محترماً وتقياً. فأرشدني لأحفظ وصايا الله في التوراة منذ حداثتي، لأعمل بموجبها بدقة. أرسلني عندما كبرت إلى القدس، لكي أتعلم الشرائع المقدسة باللغة العبرية على يد غمالائيل أفضل المعلمين آنذاك.
وقد عزّ عليّ أن أودّع والديّ وإخوتي، غير أنّ السفر بالسفينة عبر البحر المتوسط كان مغامرة بالنسبة لي. فكل شيء كان جديداً ومثيراً. فباطن السفنية مكدّس بالأمتعة بينما انهمك البحارة بنصب الأشرعة على ظهر السفينة. وفي طريقنا مررنا بجزر صغيرة وكبيرة، حيث رست السفينة في بعض المرافئ لتصطحب مسافرين آخرين وتشحن سلعاً متنوعة.
بعد وصولي بخير إلى القدس، ابتدأت مرحلة جديدة في سيرة حياتي. فجلست بشغف عند رجلي العلامة غمالائيل الحكيم، الذي حثتني معرفته الواسعة أن أتعمق أكثر في شريعة موسى في العهد القديم. وقد تركت هذه الشرائع أثراً عميقاً في فكري وسلوكي. وصارت أمنيتي الوحيدة أن أكرس ذاتي كلياً لله ومشيئته، أدافع عنه وأكافح لأجله.
ولم يمض الكثير من الوقت حتى حانت الفرصة لأبرهن عن اجتهادي الغيور هذا.
عاش في القدس رجال أتقياء من أتباع يسوع الناصري. الذي حُكم عليه بالصلب على أيام الحاكم الروماني بيلاطس البنطي. وكان تلاميذه يدّعون أنّ يسوع هذا قد قام من بين الأموات وصعد إلى السماء. فاعتبرت هذه الشهادة أعظم تجديف يمكن أن يتفوه به إنسان. ولكن عدد المؤمنين بيسوع كان في ازدياد مستمر. والمرعب في الأمر أن أنصاره كانوا يصنعون باسمه آيات وعجائب كثيرة. بالنسبة لي كانوا كذابين وغشاشين، ويجب الضغط عليهم حتى يتركوا هذه البدعة وإلا قتلوا. لقد منعهم الكهنة من التكلم عن يسوع، لكن دون جدوى. فانتشر هذا الإيمان الجديد بسرعة كانتشار النار في الهشيم.
كم فرحت وأنا أراقب رجم استفانوس، أحد أتباع هذه البدعة بالحجارة. لقد اتهم استفانوس رؤساء الكهنة علانية أنهم قتلوا المسيح. فجرّوه للّرجم خارج المدينة. وأثناء رجمه، رفع عينيه إلى السماء صارخاً: «انظروا، إني أرى السماء مفتوحة وابن الإنسان قائماً عن يمين الله».
عندما سمعت هذا القول لم أستطع إلا أن أسدّ أذنيّ حتى لا أسمع تجديفاً مثل هذا. كيف يكون إنسان اعمى البصيرة إلى هذا المقدار، حتى يقول أن يسوع المرفوض هو عن يمين الله؟
وكان اعتقادي أن متعصباً مثله يجب أن يُعدم فوراً. ليس هو فقط بل كل أتباع يسوع أيضاً، لأنهم دعوا الناصري ابن الله.
أصبحت أمنيتي أن أتعقب المؤمنين بيسوع، حتى لا يهرب أحد من يدي.
أخذت أتجسس عن مكان وزمان اجتماعاتهم. فدخلت منازلهم وسقت رجالهم ونساءهم إلى السجن بدون رحمة.
ونجحت في مداهماتي تمام النجاح حتى هرب الكثيرون من القدس لشدة خوفهم مني لئلا أجدهم وأسجنهم.
ولكني لم أكتف بذلك، بل كنت أجتهد في أن يُنكر أتباع يسوع إيمانهم وعقيدتهم حتى يرتدوا عنها أو يفقدوا حياتهم. وقصدت بهذه الغيرة أن أرضي الله وأقدم له خدمة صالحة كعبد أمين له.
عندما وصلني خبر التجاء أتباع يسوع إلى دمشق وتجمعهم هناك، تقدمت دون تأخر إلى رئيس الكهنة، وطلبت منه تفويضاً لإلقاء القبض على كل الذين أحبوا يسوع وآمنوا به في الشام.
لم أسافر إلى دمشق منفرداً، بل اصطحبت معي بعض الرجال لحراستي ومساعدتي في تنفيذ خطتي، لنقود جميع الذين أحبوا يسوع، من رجال ونساء، إلى القدس موثقين بالقيود الحديدية. عندها يعرفون نتيجة إيمانهم بكلمات يسوع وعدم خضوعهم لكلمات رؤساء الكهنة.
وصلت إلى مقربة من دمشق ظهراً، حيث شاهدت أمامي المدينة تحت أشعة الشمس المنعكسة على البرية.
وفجأة أشرق حولي نور براق أبهر من الشمس. فسقطت على الأرض، وسمعت صوتاً واضحاً يناديني شخصياً: «شاول شاول، لماذا تضطهدني؟».
فرددت مرتعباً متمتماً: «يا رب من أنت؟». فأجابني بصوته مرة أخرى: «أنا يسوع الذي أنت تضطهده». هل يسوع حيّ؟ ألم يمت في القبر؟ حقاً هو ابن الله. في لمحة البرق تضاربت هذه الأفكار في ذهني، فأجبته ساجداً، وكلي خوف وسألت: «يا رب، ماذا تريد أن أفعل؟».
فقال الرب لي: «قم واذهب إلى المدينة، وهناك يُقال لك ماذا تفعل».
وعندما قمت من الأرض اختفى النور. وحاولت فتح عينيّ، لكن الظلام الدامس كان يلفني ولم أر شيئاً. وأدركت بفزع أنني فقدت البصر واصبحت أعمى.
وكم كنت شاكراً لشعور رفاقي الصادق والعميق بسبب سقوطي وما حل بي، خصوصاً أنهم سمعوا الصوت ولكنهم لم يروا النور.
فأمسكوني بيدي وقادوني إلى الشام، إلى منزل أحد الرجال الذي بيته في شارع المستقيم.
ومكثت هناك ثلاثة أيام: لم أرَ الشمس ولم آكل ولم أشرب. فانكسرت أمام الرب إذ أدركت حالة عداوتي تجاه الله. كنت أعتقد إلى هذه اللحظة أني بار وبلا لوم وثابت في التديّن الحقيقي، أرضي الله وأخدمه.
ولكني بالحقيقة كنت أضطهد الرب الحي. ولأول مرة ظهرت حياتي السابقة مختلفة كل الاختلاف في ضوء النور الإلهي. لم يبق فيّ شيء صالح، لم يبق لي حق أمام الله. كل خطاياي ومعاصيّ قامت بيني وبينه.
أنا الذي قصدت أن أكون أتقى الأتقياء، اكتشفت أمام الرب أني أنا أول جميع الخطاة.
قادني إدراك فسادي إلى الصلاة الملحة. فصرخت إلى الرب واعترفت بخطيتي أمامه. واستجاب لي وسامحني غافراً ذنبي. فأصبحت بالرغم من عماي الخارجي مبصراً في القلب. أدركت أن يسوع مات حقاً على الصليب من أجل الخطاة، وأنه قام من بين الأموات وأنه حي وجالس عن يمين الله أبيه.
عندما آمنت بنعمته ملأ يسوع قلبي فرحاً وسلاماً. لا أقدر أن أصف لك عزيزي القارئ هذا التغيير ولكن لك الامتياز أن تختبره بنفسك لكي تفهم فرح الرب في قلبي. لم أعلم مستقبل حياتي. إنما شيء واحد كان واضحاً لي وهو: أنّ الرب الذي دعاني باسمي أمام دمشق، سوف يرشدني ويهتم بمستقبلي.
لم يُخيَّب الرب الحي أملي. فحنانيا أحد تلاميذ يسوع في دمشق، أتى إليّ بأمر الله ووضع يديه على رأسي قائلاً: «أخي العزيز شاول، لقد أرسلني إليك الرب الذي ظهر لك في الطريق لأخبرك بأنه سيعيد بصرك ثانية، وستمتلئ بالروح القدس».
عندئذ سقط مثل قشور من عينيّ، واستطعت أن أبصر ثانية. وهكذا اختبرت أن يسوع قادر على صنع العجائب. فلم يشفِ عينيّ الضريرتين لأبصر من جديد فحسب، بل الأهم من ذلك أنه شفى نفسي وأنار ذهني وحقق فيّ وعده الأمين: «إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً» (يوحنا 8: 36).
اعتبرت نفسي عندئذ موهوباً بكل موهبة روحية، لأني حصلت على نعمة الغفران المجاني، وحلت فيّ قوة الروح القدس، الذي عزاني وشهد لي بأنني أصبحت ابناً لله. فلا مانع بعد ذلك من أن أعتمد على اسم يسوع. وصرّحت بهذه المعمودية علانية أن يسوع المسيح هو الرب، وأنني سلمت نفسي له عبداً إلى الأبد.
قد انتهى الحزن والصوم فتلذذت بشكر وحمد، وأنا أتناول الطعام الذي قدمه إليّ إخوتي وأخواتي الجدد، وفرحت بشركتهم وأصبحت واحداً معهم في المسيح.
لم أستطع أن أحتفظ لنفسي باختباراتي مع يسوع، فمكثت فترة في دمشق أبشر باسمه في المدارس والمجامع. وقد اندهش الجميع عندما أدركوا أن الذي كان يضطهد أتباع يسوع، أصبح نفسه أحد تلاميذه. فاغتاظ بعض الرؤساء وقرروا قتلي. لذلك تركت دمشق سراً في الليل حيث وضعني الإخوة في سلة وأنزلوني من فوق السور إلى خارج المدينة. وهكذا أصبحت رسولاً للمسيح. وبعد فترة أطلقوا عليّ اسم بولس.
وحيثما توجهت أعلنت البشارة السارة أن يسوع هو المسيح الحي والمخلص والرب. وكل من يقبل هذه البشارة يصبح إنسانأً جديداً وسعيداً مثلي