هناك بصيرة روحية ، تبصر بها الروح فى غير حدود الجسد وشكله ، كما تبصر الله بالروح بلا شكل ، برؤية لا يعبرعنها "
طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله " متى 5
أو كما قال أيوب لله " والأن رأتك عينى " أى 42 : 5
القديس الأنبا أنطونيوس رأى روح الآنبا آمون تزفها الملائكة إلى السماء ، وقال ذلك لتلاميذه . فما الذى رأه ؟ والغنى رأى أبانا ابراهيم ولعازر ، فما الذى رأه ، وبأى شكل رآهما ؟ هل بنفس الطريقة التى رأى بها القديس أنطونيوس روح الأنبا آمون ؟ أترى الروح يمكن أن تأخذ شكل الجسد ، ولكن بغير مادية وبغير هيولانية ؟ … إن ملائكة الرب حالة حول خائفيه وتنجيهم ، ولكننا لا نرى الملائكة بالعين الجسدية المادية لأنهم أرواح ، يمكن أن نراهم بالروح . والقديس يوحنا الحبيب فى رؤياه ، حينما كان " فى الروح فى يوم الرب " (رؤ1 : 10 ) رأى ملاكاً أرشده ، ورأى ملائكة فما الذى رأه ؟ هل رؤيا روحية فوق مستوى الشكل ؟ أم كان للملائكة أيضاً شكل ؟ هناك ملائكة اتخذوا اشكالاً معينة ظهروا بها . مثل ملائكة القيامة مثلاً : فمرة ظهر ملا كان كأنهما " رجلان بثياب براقة " ( لو24 : 4 ) . ومرة ظهر ملاك الرب " وكان منظره كالبرق ، ولباسه أبيض كالثلج " ( متى 28 : 3 ) . وأمام كل هذا وقف القديس أغسطينوس أمام سؤال خطير : هل الروح لها شكل ؟ أم أنها تتخذ شكلاً ؟
وأجاب القديس أوغسطينوس فى صراحة : أنا لا أعرف . ومع ذلك نسمع عن الكاروبيم والسارافيم أن لكل واحد منها ستة اجنحة . فبجناحين يغطون وجوههم ، وبجناحين يغطون أرجلهم ، ويطيرون باثنين … فهل كل هذه رموز ودلالات ؟ أم فعلاً لهم هذا الشكل ، يتميزون بها ، ولكن فى غير مادية ؟ طبعاً بالنسبة إلى عيون الجسد ، لاترى الروح إطلاقاً إلا إذا اتخذت شكلاً كظهور الملائكة . ولكن الأرواح ترى الأرواح . وغالباً تراها بشكل معين . أقول هذا كرأى خاص … ويبقى السؤال الذى قدمه أوغسطينوس ، ، ويبقى جوابه . أما فى القيامة ، فستقوم الأجساد ، ، وتتحد بالأرواح ، وطبعاً سيكون لهذه الأجساد اشكال ، نفس الأشكال التى كانت لها من قبل ، ولكنها ستكون نورانية روحانية (1كو15) وبلا عيوب
…
هل نفهم من هذا أن الروح يكون لها نفس شكل الجسد ؟ أولا يكون لها شكل ، ولكنها تأخذ شكل الجسد ؟! هناك أمور لم يشرحها الكتاب ، وهى متروكة للاجتهاد والاستنتاج .أميل إلى أن الأرواح لها شكل ، وبه تستطيع أن تتعرف على بعضها البعض . وبهذه الأشكال تتمايز . ومع وجود الشكل ، تظل فى روحانيتها ، بعيدة عن الهيولانية والمادية