--------------------------------------------------------------------------------
فيرونيكا
بينما كان الموكبَ يجتاز شارعاًِ طويلاً، حَدثتْ حادثة أوجدت تأثيراً قوياً على سمعان القيروانى. عدد من الأشخاصِ كَانوا يُسرعون نحو الهيكل، كثيرين منهم تنحى بعيدا عندما رَأوا يسوع، خوفا من أن يتلوثواِ، بينما الآخرون، بالعكس، وَقفَوا واظهروا رحمة نحو آلامه. لكن عندما تقدم الموكبَ حوالي مأتى خطوةِ من البقعةِ التى بَدأَ فيها سمعان فى مُساعدُة الرب في حَمْلِ صليبه، فُتح باب دارِ على اليسار وخَرجَت امرأة ممسكة بيد فتاة صغيرة وسارت نحو مقدمة الموكبِ. كَانَ اسم المرأةِ الشّجاعةِ التى تَجاسرتْ على أَنْ تُواجهَ الحشود الغاضَبة سيرافيا؛ إنها زوجةَ سيراخ، أحد أعضاء مجلس الهيكلِ، وقَدْ عُرِفت بعد ذلك باسم فيرونيكا، الذي يتكون من شقين هما vera icon ومعناه صورة الوجه الحقيقي، لتخليد ذكرى تصرفها الشّجاع فى هذا اليومِ.
كانت سيرافيا قَدْ أعدّتَ بعض النّبيذِِ، الذي نَويتْ أَنْ تُقدّمهَ ليسوع ليُعينه وهو فى طريقه المؤلمِ إِلى الجلجثةِ. لقد وقفت في الشّارعِ لبعض الوقت ثم رَجعتَ للدّارِ لتَنتظرَ. عندما رأيتها أولا كانت مرتدية شالا طويلا وممسكة بفتاة صغيرة فى حوالي التاسعة من العُمرِ تسَعى إلى إخفاء النّبيذِ. أولئك الذين كَانوا على رأس الموكبِ حَاولَوا أَنْ يَدْفعوها للخلف؛ لكنها شقت طريقها خلال الغوغاءِ والجنود وفرقة الصلب حتى وَصلَت إلى يسوع، سقطت على رُكَبتيها أمامه، وقَدّمَت شالها قائلة : " اسمح لى يا ربي أَنْ اَمْسحَ وجهك " اَخذ يسوع الشال بيده اليسرى ومَسحَ وجهه النَّازِفَ، وأرَجعه بشكر. قَبّلته سيرافيا ووَضعته تحت عباءتها. قدمت البنت حينئذ النّبيذ بخجل، لكن الجنودَ المتوحشين لَم يَسْمحوا ليسوع بأَنْ يَشْرب منه. هذا التصرف الشّجاعِ لسيرافيا فَاجأَ الحرّاس، وتسَبّبَ فى توقف الموكب بصورة مؤقتة استطاعت خلاله أَنْ تُقدّم الشال إِلى سيدها الإلهي. غضب الفريسيون والحرس بشّدة، ليس فقط للتّوقّفِ المفاجئِ، بل بالأكثر بالشّهادةِ العامّةِ للتّبجيلِ الذى قدمته ليسوع، وانتقموا لأنفسهم بضّرِبهِ وسبه، بينما عادت سيرافيا بعجلةِ إِلى دارها.
ما أن عادت إلى غرفتها حتى وَضعتْ شالها الصّوفيَ على منضدةِ، وركعت فاقد الوعي تقريباً على رُكَبتيها. دخل صديق الغرفة بعد وقت قصير ووَجدها سْاجدة هكذا والطّفلةِ تبكى بجانبها، ورَأىَ بدهشة الوجه الدّموي ليسوع مطَبوعاً على الشال ويشبهه تماما، مع أنه مؤلماً أن تَنْظرَ إليه. أنهض سيرافيا وأشار إِلى الشال فسَجدتْ ثانية راكعة وصِاحتْ وهى تبكى: " سَأَتْركُ الآن كل شئ بقلبِ سعيدِ، لأن إلهى قَدْ أعطاني ذكرى عن نفسه "
هذا الشال كَانَ من الصّوفِ الناعم؛ طوله حوالي ثلاث أضعاف عرضه، وكان يُلُبِسَ على الأكتافِ. فيا بعد كان من المألوف أَنْ يُقدّمَ هذه الشال إِلى الأشخاصِ الذين يكونوا فى تجربة شديدة أو فى تْعب شديد أو مرض، لكى يَمْسحوا وجوههم به، وكانوا يفعلون هذا لينالوا تعزية وشفقة. احتفظت فيرونيكا بهذا الشال حتى موتها، وعَلّقته علي رأسِ سريرها؛ ثم أُعطىَ للعذراءِ المباركِة، التي تَركته للحواريين، وهم بعد ذلك تركوه للكنيسةِ.
سيرافيا ويوحنا المعمدان كَاناَ أبنيّ عمَ، أبوها كان شقيق زكريا. عندما جاءا يواقيم وحنة والعذراءَ المباركةَ وهى فى الرابعة من العمر، إلى أورشليم ليَضعاها بين العذارىِ في الهيكلِ، قطنا في دارِ زكريا التي تُقِع قُرْب سوق السّمكِ. سيرافيا كَانَت أكبر من العذراء المباركة بخمس سَنَوات على الأقل، كَانتَ حاضرة لخطبتها للقديس يوسف النجار، وهى أيضاً قريبة لسمعان الشيخ، الذي تَنبّأَ عندما حمل يسوع علي ذراعيهِ. لقَدْ تربّت مع أبنائه. عندما كان يسوع فى الثانية عشر من العمر، ومكث يُعلم في الهيكلِ، سيرافيا، التي لم تكَنَ قد تَزوّجت آنذاك، كانت تُرسلَ له الطعامَ يومياً فى مسكن صغير على مسافة ربع ميلِ من أورشليم حيث كان يُقيم عندما لا يكون في الهيكلِ. ذَهبَت العذراء مريم هناك لمدة يومين، عندما كانت فى طريقها من بيت لحم إِلى أورشليم لتقدم ابنها في الهيكلِ. الشيخان اللذان احتفظا بهذا البيت كَانا من اليونانيين، ويعرفان العائلةِ المقدّسةِ جيدا؛ كان البيت يحتوى على أساسِ فقيرِ، ويسوع وتلاميذه كانوا يترددن كثيرا هناك لقضاء الليلِ.
سيرافيا تَزوّجَت فى سن متأخّرة نوعا ما؛ زوجها، سيراخ، كان من نسل سوسنة العفيفة، وكَانَ عضوَ فى السنهيدرم. كان في بادئ الأمر مُعارضاً بشّدة ليسوع، وعَانت زوجته كثيراً معه بسبب ارتباطها بيسوع وبالنِّساءِ القديّساتِ، لكن يوسف الرامى ونيقوديموس أثرا عليه فسَمحَ لسيرافيا أَنْ تتبع يسوع. عندما اتّهمَ يسوع على نحو ظالم في محكمةِ قيافا، أنضم زوج سيرافيا إلى يوسف الرامى ونيقوديموس في مُحاولُة تبرئة يسوع، واستقال الثلاثة من مقاعدهم في المجلسِ.
كَانَت سيرافيا فى الخمسين تقريبا عند دخل يسوع أورشليم فى أحد السعفِ، وقد رَأيتُها تخلع شالها وتضعه على الأرضِ كى يسير عليه. كان هو نفس الشال الذي قَدمتْه ليسوع في موكبه الثّاني هذا، هذا الموكب الذي يبدو بعيداً عن أي مجد، لكنه في الحقيقة أكثر مجدا. بسبب هذا الشال تغير اسمها من سيرافيا إلى فيرونيكا . منقول
[b]
فيرونيكا
بينما كان الموكبَ يجتاز شارعاًِ طويلاً، حَدثتْ حادثة أوجدت تأثيراً قوياً على سمعان القيروانى. عدد من الأشخاصِ كَانوا يُسرعون نحو الهيكل، كثيرين منهم تنحى بعيدا عندما رَأوا يسوع، خوفا من أن يتلوثواِ، بينما الآخرون، بالعكس، وَقفَوا واظهروا رحمة نحو آلامه. لكن عندما تقدم الموكبَ حوالي مأتى خطوةِ من البقعةِ التى بَدأَ فيها سمعان فى مُساعدُة الرب في حَمْلِ صليبه، فُتح باب دارِ على اليسار وخَرجَت امرأة ممسكة بيد فتاة صغيرة وسارت نحو مقدمة الموكبِ. كَانَ اسم المرأةِ الشّجاعةِ التى تَجاسرتْ على أَنْ تُواجهَ الحشود الغاضَبة سيرافيا؛ إنها زوجةَ سيراخ، أحد أعضاء مجلس الهيكلِ، وقَدْ عُرِفت بعد ذلك باسم فيرونيكا، الذي يتكون من شقين هما vera icon ومعناه صورة الوجه الحقيقي، لتخليد ذكرى تصرفها الشّجاع فى هذا اليومِ.
كانت سيرافيا قَدْ أعدّتَ بعض النّبيذِِ، الذي نَويتْ أَنْ تُقدّمهَ ليسوع ليُعينه وهو فى طريقه المؤلمِ إِلى الجلجثةِ. لقد وقفت في الشّارعِ لبعض الوقت ثم رَجعتَ للدّارِ لتَنتظرَ. عندما رأيتها أولا كانت مرتدية شالا طويلا وممسكة بفتاة صغيرة فى حوالي التاسعة من العُمرِ تسَعى إلى إخفاء النّبيذِ. أولئك الذين كَانوا على رأس الموكبِ حَاولَوا أَنْ يَدْفعوها للخلف؛ لكنها شقت طريقها خلال الغوغاءِ والجنود وفرقة الصلب حتى وَصلَت إلى يسوع، سقطت على رُكَبتيها أمامه، وقَدّمَت شالها قائلة : " اسمح لى يا ربي أَنْ اَمْسحَ وجهك " اَخذ يسوع الشال بيده اليسرى ومَسحَ وجهه النَّازِفَ، وأرَجعه بشكر. قَبّلته سيرافيا ووَضعته تحت عباءتها. قدمت البنت حينئذ النّبيذ بخجل، لكن الجنودَ المتوحشين لَم يَسْمحوا ليسوع بأَنْ يَشْرب منه. هذا التصرف الشّجاعِ لسيرافيا فَاجأَ الحرّاس، وتسَبّبَ فى توقف الموكب بصورة مؤقتة استطاعت خلاله أَنْ تُقدّم الشال إِلى سيدها الإلهي. غضب الفريسيون والحرس بشّدة، ليس فقط للتّوقّفِ المفاجئِ، بل بالأكثر بالشّهادةِ العامّةِ للتّبجيلِ الذى قدمته ليسوع، وانتقموا لأنفسهم بضّرِبهِ وسبه، بينما عادت سيرافيا بعجلةِ إِلى دارها.
ما أن عادت إلى غرفتها حتى وَضعتْ شالها الصّوفيَ على منضدةِ، وركعت فاقد الوعي تقريباً على رُكَبتيها. دخل صديق الغرفة بعد وقت قصير ووَجدها سْاجدة هكذا والطّفلةِ تبكى بجانبها، ورَأىَ بدهشة الوجه الدّموي ليسوع مطَبوعاً على الشال ويشبهه تماما، مع أنه مؤلماً أن تَنْظرَ إليه. أنهض سيرافيا وأشار إِلى الشال فسَجدتْ ثانية راكعة وصِاحتْ وهى تبكى: " سَأَتْركُ الآن كل شئ بقلبِ سعيدِ، لأن إلهى قَدْ أعطاني ذكرى عن نفسه "
هذا الشال كَانَ من الصّوفِ الناعم؛ طوله حوالي ثلاث أضعاف عرضه، وكان يُلُبِسَ على الأكتافِ. فيا بعد كان من المألوف أَنْ يُقدّمَ هذه الشال إِلى الأشخاصِ الذين يكونوا فى تجربة شديدة أو فى تْعب شديد أو مرض، لكى يَمْسحوا وجوههم به، وكانوا يفعلون هذا لينالوا تعزية وشفقة. احتفظت فيرونيكا بهذا الشال حتى موتها، وعَلّقته علي رأسِ سريرها؛ ثم أُعطىَ للعذراءِ المباركِة، التي تَركته للحواريين، وهم بعد ذلك تركوه للكنيسةِ.
سيرافيا ويوحنا المعمدان كَاناَ أبنيّ عمَ، أبوها كان شقيق زكريا. عندما جاءا يواقيم وحنة والعذراءَ المباركةَ وهى فى الرابعة من العمر، إلى أورشليم ليَضعاها بين العذارىِ في الهيكلِ، قطنا في دارِ زكريا التي تُقِع قُرْب سوق السّمكِ. سيرافيا كَانَت أكبر من العذراء المباركة بخمس سَنَوات على الأقل، كَانتَ حاضرة لخطبتها للقديس يوسف النجار، وهى أيضاً قريبة لسمعان الشيخ، الذي تَنبّأَ عندما حمل يسوع علي ذراعيهِ. لقَدْ تربّت مع أبنائه. عندما كان يسوع فى الثانية عشر من العمر، ومكث يُعلم في الهيكلِ، سيرافيا، التي لم تكَنَ قد تَزوّجت آنذاك، كانت تُرسلَ له الطعامَ يومياً فى مسكن صغير على مسافة ربع ميلِ من أورشليم حيث كان يُقيم عندما لا يكون في الهيكلِ. ذَهبَت العذراء مريم هناك لمدة يومين، عندما كانت فى طريقها من بيت لحم إِلى أورشليم لتقدم ابنها في الهيكلِ. الشيخان اللذان احتفظا بهذا البيت كَانا من اليونانيين، ويعرفان العائلةِ المقدّسةِ جيدا؛ كان البيت يحتوى على أساسِ فقيرِ، ويسوع وتلاميذه كانوا يترددن كثيرا هناك لقضاء الليلِ.
سيرافيا تَزوّجَت فى سن متأخّرة نوعا ما؛ زوجها، سيراخ، كان من نسل سوسنة العفيفة، وكَانَ عضوَ فى السنهيدرم. كان في بادئ الأمر مُعارضاً بشّدة ليسوع، وعَانت زوجته كثيراً معه بسبب ارتباطها بيسوع وبالنِّساءِ القديّساتِ، لكن يوسف الرامى ونيقوديموس أثرا عليه فسَمحَ لسيرافيا أَنْ تتبع يسوع. عندما اتّهمَ يسوع على نحو ظالم في محكمةِ قيافا، أنضم زوج سيرافيا إلى يوسف الرامى ونيقوديموس في مُحاولُة تبرئة يسوع، واستقال الثلاثة من مقاعدهم في المجلسِ.
كَانَت سيرافيا فى الخمسين تقريبا عند دخل يسوع أورشليم فى أحد السعفِ، وقد رَأيتُها تخلع شالها وتضعه على الأرضِ كى يسير عليه. كان هو نفس الشال الذي قَدمتْه ليسوع في موكبه الثّاني هذا، هذا الموكب الذي يبدو بعيداً عن أي مجد، لكنه في الحقيقة أكثر مجدا. بسبب هذا الشال تغير اسمها من سيرافيا إلى فيرونيكا . منقول
[b]