مـنـتـديـات الـمـحـبـه الـمـقـدسـه

كيف عرفت ابويا 3 Wellcome
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة :- يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو
وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
ونتشرف بتسجيلك معنا

مع تحيات ادارة منتديات المحبه المقدسه




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مـنـتـديـات الـمـحـبـه الـمـقـدسـه

كيف عرفت ابويا 3 Wellcome
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة :- يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو
وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
ونتشرف بتسجيلك معنا

مع تحيات ادارة منتديات المحبه المقدسه


مـنـتـديـات الـمـحـبـه الـمـقـدسـه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


    كيف عرفت ابويا 3

    فرايم حبيب
    فرايم حبيب
    مشرف عام المنتديات
    مشرف عام المنتديات


    عدد المساهمات : 549
    عدد النقاط : 11933
    تاريخ التسجيل : 14/03/2010
    العمر : 74

    كيف عرفت ابويا 3 Empty كيف عرفت ابويا 3

    مُساهمة من طرف فرايم حبيب الإثنين 30 أغسطس 2010 - 14:19

    --------------------------------------------------------------------------------

    وقد دلت كلمات المسيح على حزم وعلى عدم قبول أية تسوية. ورأيت أن هذه الكلمات لا تشجعني على اتخاذ قراري الهام هذا. وقلت في نفسي لا توقف الآن عن التفكير في هذا الأمر، عسى المستقبل يفتح أمامي بابا للانفراج. وبدون شعور مقصود عدت إلى الغرفة واستدعيت منصور وقلت له لينقلني إلى راولبندي المجاورة لأني أقصد قضاء بضعة أيام هناك. وأنزعج سكان الدار من عزمي المفاجئ على ترك البيت. وقلت للخدام أنه في استطاعتهم أن يتصلوا بي عن طريق ابنتي توني أن استدعت الحاجة إلى ذلك. وفعلا توجهت إلى المدينة المجاورة وقضيت بعض الوقت في التسوق إذ ابتعت بعض الألعاب لمحمود، واشتريت بعض الملابس الهندية لي، وبعض الروائح والعطور. وفكرت أنه بتغيير الجو وبالتلهي بشراء بعض الإغراض أسلي نفسي، وأبعد عني تلك الأفكار التي أقضت مضجعي وحيرتني عن الحضور الإلهي، والرؤى التي وأكبت ذلك.
    وذات يوم عندما قصدت إحدى الحوانيت لشراء بعض القماش فتح التاجر أمامي بالة من القماش المطرز الجميل وتراءى لي شكل الصليب مرسوما على أطرافه. فأنبت البائع لعرضه قماشا عليه شكل الصليب. وهكذا تركت المدينة راولبندي وعدت إلى بلدتي واه. ولم أكن لا تخذ قرارًا حازمًا بالبقاء على ديني أو باعتناق المسيحية.
    وفي إحدى الليالي وأنا مسترخية قرب الموقد في غرفتي وجدت نفسي مدفوعة لتناول الكتاب المقدس. وكنت في تلك الليلة قد أنهيت قراءة العهد الجديد إذ وصلت إلى آخر إصحاح من سفر الرؤيا. وقد أعجبني ذلك السفر كثيرا لما فيه من الرموز والألغاز. وكنت قد تأثرت بالعدد 20 من الإصحاح الثالث من ذلك السفر عندما يقول المسيح:

    ها أنا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي.



    توقيع صوت صارخ :

    أنه مازال ينزف, من أجلى ومن أجلك



    مسيحيتنا فوق الزمان

























    رد: أقدر أقوله يا بويا


    وعندما قرأت هذه الآية بتمعن للمرة الثانية تأوهت ووقع الكتاب من يدي. وقلت هذا تفسير لحلمي حيث ترائى لي المسيح وهو يتغذى معي. والغريب أنني لما حلمت حلمي لم تكن لي معرفة بسفر الرؤيا. واغلقت عيني فترة من الزمن فأرتسم لي السيد جالسًا على مائدتي، وشعرت بحضوره الأقداس، وبابتسامته الدافئة. وتراءى لي، وهالة من المجد والكرامة تعلو هامته. بدأ لي كأنه الأب السماوي لأن المجد الإلهي الذي يرافق الله رافقه. وعندئذ تحققت أن حلمي كان من عند الله، وقد بدأ الطريق واضحًا أمامي وعليّ إما أن أقبله أو أرفضه. ولماذا لا أرحب بالملك السماوي أن يسكن معي دائما.


    أجل لقد وضح حل لمشكلتي إذ في وسعي الآن أن أفتح الباب للمسيح وأرحب به ليسكن معي دائما. ولقد كان صعبا للغاية الوقوف عند مفترق الطريق أما وقد بأن الحل، فلابد من اتخاذ قرار حاسم لأني عرفت أي طريق يتحتم عليه سلوكه. وللحال جثوت على ركبتي وقلت: يا إلهي! لا تتريث لحظة واحدة من الدخول إلى قلبي، فكل خلية مني تنتظرك فأدخل إلى حياتي. ولست في حاجة للكفاح والقلق بعد لأني لست أخشى مما سيحصل لي في المستقبل. وهكذا أنا قبلت المسيح مخلصًا وسيدًا لحياتي، وسلمت نفسي وحياتي لذلك الملك السماوي. وما أجمل هذا الموقف إذ في بضعة أيام التقيت بالله الأب والآن أنا أحظى بلقاء ابن الله!


    وعلى الأثر استلقيت على فراشي لكن أفكاري ظلت مضطربة وملتهبة وقلت في نفسي لماذا لا أخذ خطوة حاسمة فأني أذكر أني قرأت في سفر الأعمال كيف أن الروح القدس حل على التلاميذ، وكيف أن جميع الحاضرين تعمدوا من ذلك الروح الإلهي. أليس مفروضا عليّ أن أسلك نفسي المسلك؟! وقلت وأنا أضع رأسي على وسادتي: ارشدني يا إلهي لأنه ليس من مرشد لي سواك. فإذا كنت تريدني أن أتعمد بالروح القدس فأنا مستعدة لذلك. ولما أيقنت أنني سلمت إرادتي لله استرسلت في نوم هادئ عميق.


    وصباح يوم 24 ديسمبر من عالم 1966 استيقظت مبكرة وكان الفجر لم يبزغ بعد، وأشارت الساعة إلى الثالثة صباحًا. ورغم أن الغرفة كانت باردة إلا أن أفكاري كانت ملتهبة ومهتاجة. فتركت فراشي وجثوت على ركبتي وتطلعت إلى فوق فتراءى لي نور وهاج، وبأن الله في وسطه. وعلى الأثر تناثرت دموع سخية من عيناي ورفعت يدي تجاه مصدر ذلك النور وقلت: عمدني يا أبي بروحك القدوس الطاهر! ورنت كلمات المسيح التي وردت في سفر الأعمال في أذني وهي تدوي وتقول: لقد عمّد يوحنا بالماء وأما أنتم فستعمدون بالروح القدس (أعمال 5:1).


    وصرخت من أعماق قلبي قائلة: يا يسوع إن كانت هذه الكلمات التي نطقت بها في سالف من الزمن تنطبق عليّ فهبني هذه المعمودية المقدسة. وأخذت أجهش بالبكاء، وأنا مستلقية على الأرض الباردة، وقلت لا أريد أن أنهض من هذا المكان حتى أحصل على هذه المعمودية المباركة.


    وفجأة أمتلأ قلبي بالخوف لأني شاهدت فجر ذلك اليوم التاريخي وجه الله. شعرت بشئ خفي يهاجمني يشبه أمواج البحر المتلاحقة، وغمرتني موجة من الماء السماوي حتى بللت أطراف أصابعي، وغسلت نفسي وطهرتها. وبعد قليل من الزمن سكت الموج المتدفق وهدأ هذا البحر المضطرب، وصرت كأن نفسي تطهرت من أدرانها وشاع الفرح في قلبي وغمر كياني، فتطلعت من نافذتي فإذا الفجر قد بدأ يبزغ فقلت: هذه ساعة تاريخية مجيدة إذ تمت فيها معموديتي وتسنى لي أن أرى وجه الله وسط ذلك النور الملتهب.




    توقيع صوت صارخ :



    أنه مازال ينزف, من أجلى ومن أجلك





    مسيحيتنا فوق الزمان




























    رد: أقدر أقوله يا بويا


    وأخذت أسأل نفسي: هل السماء التي ذكرها الكتاب المقدس أحسن من هذا لاختبار الروحي الذي حصل لي؟ فإن أعرف الله هو منتهى فرحي وإن أعبد الله الأب السماوي هو منتهى سعادتي وإن أكون قريبة من المسيح هو السلام الذي تشتهيه نفسي. إني أشكر الله الذي منحني هذه الأفراح السماوية وعمدني بروحه القدوس وعرفني بابنه يسوع وهذه هي السماء التي انشدها في هذه الحياة.


    ولم أنام بعد ذلك، وفي الصباح الباكر هرعت الجاريتان الأمينتان لخدمتي. وللمرة الأولى في حياتي لم أتفوه بكلمة قاسية، بل تدفق اللطف من لساني وخيم على البيت جو هدوء وسلام لأنه سلام نابع من العلاء. ودخلت أشعه الشمس الغرفة لتجلب معها الدفء والإشراق الروحي، فران على البيت جو من السكينة والاطمئنان والمحبة والسلام. وبقيت طوال اليوم أتغني بمديح الله وحمده ولم أستطع الاحتفاظ بالفرح في قلبي حتى أن ريشام أخذت ترتل ترتيلة الفرح والحمد، وهذا شئ لم تفعله من قبل.


    وتطلع إليّ محمود قبيل الظهر وقال: يبدو أنك فرحة يا أماه ماذا حصل لك؟ فدنوت منه ومررت بيدي على شعره الناءم وقلت للطاهي: أعطِني بعض الحلوى وكان قد صنع لنا أكلة طيبة من قمح وسكر وزبدة. وناولت محمود صحنا من هذه الأكلة الهندية اللذيذة وقلت له في السهرة سنحتفل بعيد الميلاد في بيت الصديق ميتشل وزوجته. واستغرب محمود قولي عيد الميلاد. وقال هذا عيد للمسيحيين. قلت أنه عيد ميلاد المسيح لدي المسيحيين وهو يصادف يوم ذد. وهذا العيد يشبه ما تعوده المسلمون في عيد رمضان. فبعد أن يصوم المسلمون ذلك الشهر الفضل من شروق الشمس حتى غروبها يتناولون الحلوى والمأكل الطيبة عند الإفطار وفي يوم العيد المجيد. ويصوم المسلمون في شهر رمضان لأنه الشهر الذي نزل فيه الوحي على النبي محمد. وعيد الميلاد عند المسيحيين هو عيد مجيد يتبادل الناس فيه الهدايا ويتلذذون بالمآكل الشهية والحلويات اللذيذة والفواكه الطيبة. ولابد من أن ينالك شئ من هدايا العيد يا محمود!


    وكنت مصيبة في أقوالي لأننا عندما ذهبنا لزيارة القس ميتشل في بيته مساء عيد الميلاد انتشرت الروائح الذكية من الغرفة، وتعالت ضحكات الفرح من الداخل، وما كان من القس إلا أن رحب بنا واقتادنا إلى غرفة الاستقبال وكانت طافحة بمباهج العيد، وبانت شجرة عيد الميلاد وهي مضاءة بالشموع في إحدى زوايا الغرفة. وتعالت ضحكات ولدا القس ميتشل من الفرح، وكانا أكبر من محمود بقليل. وما أسرع ما شاركهما محمود في مباهج العيد وأفراحه وفي التمتع بالألعاب والهدايا.


    ولم أستطع أن أحتفظ بالسر في قلبي وقد غمر الفرح سكان ذلك المنزل إذ صرحت يا داود مستعملة اسمه الأول بدون تفكير. أنا مسيحية لأن قد تعمدت بالروح القدس. وحدّق القس لحظة بي موجها نظراته الثاقبة إليّ وسأل: ومن أطلعك يا سيدة بلقيس على الروح القدس، ومن عرفك بالمعمودية؟ وضحك فرحًا وهتف بكلمة هللويا! وجاءت زوجته من المطبخ وهي راغبة في الاستفسار عما حدث لي. فقلت وأنا أبتسم: يسوع أخبرني عن الروح القدس وعرفني بالمعمودية. فقد قرأت ما ورد في سفر الأعمال وطلبت من الله أن يهبني روحه القدس. والله الجواد منحني هذه الهبة السماوية.


    واقترب القس وزوجته مني وبدأ القس يذرف الدموع بينما عانقتني زوجته عناقا أخويا مقدسا. ووقفنا الثلاثة وأيدينا متشابكة نحمد الله من أجل ما فعل. ومنذ تلك الليلة قررت أن أدون جميع هذه الحوادث في مذكرة خاصة. فسجلت كل الأعمال العجيبة التي صنعها الرب معي. ولم يخطر ببالي ماذا سيحصل لي إذا شاع خبر تنصري لكني قلت حسن أن يكون لدي سجل لهذه الاختبارات الروحية التي مرت بي. فهي ذكري مجيدة وثمينة لي. وعندما جلت لأدون هذه الاختبارات الروحية المجيدة لم أكن لأتحقق بعد أن الله بدأ يمهد لتعليمي ولأعطائي ما يلزم من التهذيب المسيحي.




























    رد: أقدر أقوله يا بويا


    لقد انتظرتني مفاجئات عديدة خلال الأيام التالية إثر مجابهاتي الثلاث السابقة للحضرة الإلهية. وما أسرع ما أخذت أحظى بأحلام ورؤى! وهذه تختلف عن الأحلام السابقة إذ أنها بدأت تتفاعل معي في المخاطرات العظيمة التي وجهت دفّة حياتي. إن أول اختبار جعلني ارتجف خوفا إذ بينما كنت مستلقية على فراشي بعد ظهر أحد الأيام وأنا أفكر بالله إذ أخذت أشعر أنني محمولة على أجنحة الريح خارج نافذتي. وتلمست أنني أرى الأرض تحتي وأني قد عبرت النافذة منطلقة إلى الفضاء. وما كان هذا حلما لأنني كنت صاحية من أجل ذلك صرخت من شدة الخوف. ومن ثم عدت إلى السرير وبقيت مدة من الزمن منذهلة مما حدث لي. وبدأت أتنفس بثقل وأشعر بتخدر طرأ على سأقي. ولم يدم هذا طويلا إذ عاد الدم يجري كعادته ساريا في أطراف جسمي كالمعتاد.


    قلت يا إلهي! ماذا جرى لي؟ وسرعان ما أدركت أن الاختبار هذا كان من نوع جديد أتذوقه. وحصل لي مثل هذا الاختبار مرة ثانية في المساء. فتجرأت وتكلمت مع الله. ولقد أدركت أن سياحتي في الهواء كانت سياحة روحية. ولكن ما الغية منها يا ترى؟ فعدت إلى كتابي المقدس أستشيره وأفتش عن جواب لما حصل لي لأني خشيت أن الذي حصل لي ربما لم يكن مصدره الله. وعندما قرأت في سفر الأعمال ما ورد في الإصحاح الثامن والعدد التاسع قول الكتاب: (كان قبلا في المدينة رجل اسمه سيمون يستعمل السحر ويدهش شعب السامرة قائلا أنه شئ عظيم، خشيت أن يكون ما حصل لي هو ضرب من السحر. ولكن عندما قرأت ما ورد في الإصحاح الثني عشر من رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس حيث يقول: (اختطف هذا إلى السماء الثالثة). وإن ما سمعه الرجل لا يمكن أن يترجم بلغة بشرية أدركت أن هذا كان اختبارا جسديا وأن الله وحده يعرف سر ذلك. كما أن روح الرب هي التي حملت فيلبس تلميذ المسيح أن يعمد الخصي الحبشي في تلك المدينة النائية. إذا وقي وسع روح الرب أن تعمل العجائب.


    وها أنا بدوري سمعت كلمات لكني لم أستطع ترجمتها أو تفسيرها، بيد أن المشاهد التي مرت أمامي لن أنساها. وفي إحدى الرؤى المجيدة تراءت أمامي قبة تتعالى إلى السماء، وبدت مئات الكنائس، منها القديمة ومنها الجديدة، وهي مبنية بأشكال هندسية متنوعة. وبرزت بينها كنيسة ذهبية الشكل. وتغير المشهد حالا لأرى مساحات كبيرة من المدينة تتخرج أمامي. واستطعت أن أتميز ناطحات السحاب والأبراج والمباني الفخمة ورجلا يركب حصانا أحمر اللون شاهرًا سيفه في يده اليميني ويهبط إلى الأرض فوق كتل من الغيوم وفي بعض الأوقات رأيت البرق يسطع فوق الغيم، ومرات أخرى كنت أسمع وقع حوفر حصان تدق الأرض الصلبة. وقلت لابد أن يكون هذا المشهد قد أعطي لسبب غير معلوم لدي وخفي عن إدراكي.


    ولدي قراءتي للكتاب المقدس تبين لي أن هذا كان اختبارا مغايرا للاختبارات السابقة. عوضا من أن أقتصر على قراءة كلمة الله أخذت أعيشها. وهذا زاد من بهجة حياتي وإشراقها. وتصورت نفسي ألج ذلك العالم الذي عاش فيه المسيح في فلسطين. وتصورته يذرع الطرق البرية والدروب الحجرية في منطقة الجليل حيث قضى سنوات ثلاث في التبشير. وراقبته وهو يعلم ويعظ ويعيش مع الناس ويذيع رسالته الإلهية ويعيش حياته اليومية. وما أكثر ما أظهر للناس قوة الروح، وفائدة الإيمان. وأدهش الأمور كان ذهابه مختارًا للصليب. وما أعظمه عندما خرج من ذلك الاختبار الرهيب منتصرًا إذ قام في اليوم الثالث من الأموات.


    كذلك اكتشفت أن تأثير قراءتي للكتاب المقدس جعل كل من كان له علاقة معي يشعر به. وذات يوم عندما كانت إحدى الجواري تعد أدوات زينتي فإذا الأمشاط الفضية والفراشي والأدوات الأخرى تقع على الأرض. وحدثت ضجة كبيرة في شقتي. وخافت نورجان وشخصت بعينيها المرتبتين نحوي، وتوقعت أن أصرخ عليها وأنهال عليها بالكلام القاسي. وفعلا كنت على وشك أن أعمل ذلك، بيد أن مطالعتي لكلمة الله علمتني ضبط النفس وطول البال. فأمسكت نفسي وقلت بكلمات رقيقة: لا بأس يا نورجان فالأغراض لم تنكسر.


    ثم أظهرت جسارة نادرة في حياتي وهذا اختبار جديد أحظى به. وحتى هذا التاريخ كنت أخاف من توبيخ الناس، إذا هم عرفوا أنني أميل إلى الدين المسيحي. وكنت أخشى أن يهزأ أقاربي وأهل ضيعتي بي إذ يقولون عني: ها هي السيدة بلقيس الشيخ ابنة العز والثراء انضمت إلى جماعة مسيحية الأرز، وغدت من زمرة الكناسين والمتسولين. وكنت أخشى أن عائلتي تقاطعني وقد تسوّل النفس لوالد محمود أن يأخذ الولد مني كنا أنني خشيت أن أحد المتعصبين يتجاسر فيعتدي على حياتي لاعتقاده أن من يترك دينه يستحق أن يعاقب بالموت.


























    رد: أقدر أقوله يا بويا


    وما كنت راغبة أن أرى مع المرسل وزوجته، وانشغل بالي كثيرا من تقولات النساء اللواتي شاهدنني في بيت المرسل ميتشل يوم اجتماعهم في منزله. ولاحظ الخدام في البيت عندي أي شيئا غير عادي حاصل لي. وعندما تأملت في هذه الأمور بت في حالة قلق واضطراب لأني بدأت أتحسس هذا الضغط الاجتماعي الواقع علي، بيد أنني بعد تلك المجابهات الثلاث التي فيها حظيت بالحضرة الإلهية وجدت نفسي مستعدة لأن أقدم اعترافا مفاجئا لأني ما دمت قد اتخذت قراري بأن أكون مسيحية فماذا يمنع أن أعلن هذا جهارًا؟ ولماذا أعترف بالمسيح بالشفاه فقط؟ وأخاف من أن أكون تلميذة حقيقية له؟! وفيما أنا أتطلع إلى العالم الخارجي من خلال نافذة غرفتي اتخذت هذا القرار الجرئ أن أعلن مسيحيتي جهارًا غير مبالية بالنتائج لأن الله سيقف بجانبي، وتتطلب التلمذة الحقيقية أن أكون من إتباع المسيح الأوفياء، والتلاميذ المضحين.


    لم أتوقع حدوث نتائج فورية. وبعيد عند الميلاد لسنة 1966 جاءت الخادمة تقول أن زوجة القس ميتشل ترغب في رؤيتك يا سيدة! قلت: دعيها تحضر إلى هنا. وجاءت السيدة الزائرة. وقالت: جئت لأدعوك إلى غداء يا سيدة بلقيس وسيكون الغداء لنفر من الأخوة المسيحيين الذين يرغبون الاجتماع بك. وأعتقد أنك ستسرين من هذا الاجتماع؟ وفي بادئ الأمر جفلت عندما ذكرت بعض الأخوة السميحيين، ولمحت سينوف، وهو اسم زوجة اقس داود، ذلك الارتباك فقالت: معظم الضيوف هم من الأجانب، بعضهم إنكليز وآخرون أميركان وبدى في عينيها عاطفة الالتماس. فأجبتها بحماسة: سأكون مسرورة بحضوري.


    وعهدي بالمسيحيين خجولين ولقد عرفت ذلك عندما احتككت بهم في احتفالات الدولة الرسمية، ولما كنت زوجة أحد كبار الموظفين كنت أعمل كمضيفة لأولئك الضيوف. وفي تلك الحفلات كان المدعوون يحضرون ببدلاتهم الرسمية حتى الخدام كانوا يلبسون لباسًا خاصًا لتلك المناسبات. وكانت الموائد تزين بالأزهار الجميلة، وكانت المآكل تقدم على أطباق خاصة. وما أكثر أصناف التي كانت تقدم. وما أشهى الأطعمة التي كان يتناولها المدعوون! وكان عادة بين الحضور مسيحيون من مختلف الطوائف لكن أحدا منهم لم يكن ليذكر نوع دينه أو اسم طائفته. وعرفت بأن الذين سأجتمع بهم في بيت القس ميتشل لن يختلفوا عمن اعتدت الاجتماع بهم في الحفلات الرسمية.


    وفي اليوم التالي سقت سيارتي بنفسي وتوجهت إلى بيت القس داود. فاستقبلني مع زوجته بترحاب زائد ولم أكن لأجد صعوبة في الاهتداء إلى منزله لأن هذا صار معلوما لدي. وعرفني المضيفان على المدعوين من الأصدقاء. ولم أكن لأدري أن بعضا من هؤلاء سيكون له أثر كبير على حياتي. ومن بين المدعوين كان كين وماري أولد. وهو مهندس مدني إنكليزي عيناه زرقاوان تتلألان تحت نظاراته السميكة أما زوجته ماري فكانت ممرضة أميركية وكانت الابتسامة الحلوة لا تفارق شفتيها. وجميع من صادفتهم هناك كانوا من الأصدقاء الأوفياء وكانت المحبة تشيع في قلوبهم والدفء يغمر وجوههم.






























    رد: أقدر أقوله يا بويا


    كان الجميع توافين لسماع اختباراتي وهكذا أصبحت الشخص الرئيسي في تلك الحفلة. وقد فكرت أنه سيكون احتفالا صامتا يقتصر على الأكل والشرب لكنه سرعان ما تحول إلى محادثات ودية معظمها أسئلة وأجوبة. وأصغى الجميع لأقوالي. وخيم جو من السكون على الغرفة حتى الأولاد الحاضرين ظلوا صامتين. وانتهزتها فرصة مناسبة لأخبرهم عن أحلامي وعن اجتماعاتي المتكررة بحضور الأب السماوي. وكان اجتماعا لطيفا وممتعا. وفي النهاية ذكر القس داود أنه رغم المآكل الطيبة التي أعدتها سينوف لضيوفها إلا أن الغذاء الروحي الذي حصلوا عليه من سماع اختباراتي كان أحلى وألذ.


    وذكر المهندس كين أنه كان قد رآني قبل لأنه كان يسكن واه منذ أمد بعيد. وقال: كثيرا ما كنت أمر بالقرب من حديقتك في الصباح الباكر فأعجب بهندستها وبأشكال أزهارها وروعة جمالها. وقد لاحظتك بعض الأوقات في الحديقة لكنك لم تظهري لي كسيدة عادية. ولأنك في الماضي كنت تتعزلين عن العالم، وتؤثرين حياة الوحدة والانفراد. أما بعد هذه الاختبارات الروحية التي مرت بك فالابتسامة العذبة أخذت تعلو محياك، واللطف يشع في حركاتك وسكناتك وشتى تصرفاتك. ولاحظ كين هذا التغيير الذي طرأ عليّ وقال: لابد أن تكون هذه الأعجوبة التي حصلت لك هي نتيجة التغيير الذي حصل لك. ولا شك أن هذا إحدى العطايا السماوية وهذه من أثمن الكنوز ومن أروع ما يملكه الإنسان!


    وجرت أحاديث متنوعة مع باقي الضيوف. ولمست أن هؤلاء المسيحيين كانوا من طراز آخر عما عهدته مع الذين يحضرون الحفلات الرسمية أو ممن اجتمعت بهم في حفلات الغداء الأخرى. وعند المساء تحدث كل شخص عما عمله الرب في حياته. ورغم أن الآكل كان ممتازا إلا أن الأحاديث الروحية والغداء الروحي تذوقه الجميع فاق في لذته باقي المآكل والأطايب. لقد كانت روح الله مهيمنة على ذلك الاجتماع وتمنيت لو حظيت باجتماعات روحية أخرى مماثلة لأني شعرت بحضور الله بيننا وتغذينا بالغذاء الروحي الذي أنعش نفوس جميعنا.


    وعندما كنت على وشك ترك الاجتماع إذا بالمهندس كين وزوجته يمسكان يدي ويقولان: يا سيدة بلقيس أنت في حاجة إلى شركة أخوية وأصدقاء مسيحيين ونحن نرغب في دعوتك لبيتنا مساء الأحد لحضور بعض الاجتماعات بانتظام. وكان منزل المهندس أولد مبنيا من الطوب، ولديه غرفة للاستقبال بالكاد تتسع لعشرة أشخاص. وكان بين الحضور اثنان من الباكستان والباقون كانوا أمريكان أو إنكليز. ومن الذين تعرفت عليهم في تلك الاجتماعات طبيب مختص بأمراض العيون وموجته تعمل معه كممرضة وكلاهما كانا موظفين في المستشفى المحلي. وفي الاجتماعات المسائية هذه كنا نرنم بعض الترانيم الروحية ونقرأ فصلا من الكتاب المقدس ويصلي الواحد من أجل الآخرين. وما أسرع ما غدوت قبلة الانظار في كل اجتماع لأن الجميع رغبوا التعرف عليّ والتحدث إليّ.


    وفي أحد أيام الأحد لم أشعر برغبة لحضور اجتماع المساء فاعتذرت عن الحضور لكن ذلك أثر عليّ وأخذ القلق يستحوذ على روحي ويغمرني شعور بعدم الارتياح مع أن المسألة كانت بسيطة جدا فجبت أرجاء المنزل الأحظ الخدام ومع يعملون ومع أن كل شئ كان منتظما إلا أنه تراءى لي أن كل شئ كان غير منتظم. وعلى الأثر هرعت إلى غرفتي وجثوت على ركبتي للصلاة. وجاء محمود إلى غرفتي خلسة ولم أشعر إلا ويداه تلمسان يدي. وسألني: هل أنت بخير يا ماما؟ فطمأنته أنني بصحة جيدة. قال لكنك غير مستقرة ويظهر أنك مضطربة من شئ إذ تحومين في أرجاء المنزل وكأنك تنشدين أمرا خفيا.


























    رد: أقدر أقوله يا بويا


    ثم تركني وأخذ يقفز ويعدو في أرجاء المنزل. وقلت في نفسي: إن ملاحظة محمود في محلها. فأنا قد فقدت شيئا. والآن أنا أدرك الشئ الذي فقدته. إني أضعت حاسة الشعور بحضور الله وربما كان السبب هو عدم حضوري ذلك الاجتماع في بيت المهندس أولد. أجل أنني فقدت شركة أخوية في الوقت الذي أنا فيه محتاجة إليها. وعلى الأثر تكلمت بالهاتف مع كين وقلت له: سأحضر الاجتماع. وفي تلك اللحظة شعرت بالدفء يملأ جوانب نفسي. وقد ذهبت إلى الاجتماع كما وعدت وهناك شعرت أنني أتحسس مجد الله. ولذلك صممت أن أحضر كل اجتماع، وتذكرت كلمات كين لي أنك بحاجة إلى شركة أخوية مسيحية مستمرة. ومن ذلك الوقت صممت أن أحضر كل اجتماع إلا إذا كان يسوع نفسه لا يريدني الذهاب.


    وكلما تقربت من الله كلما وجدت نفسي أجوع لكلمة الحق والحياة. وأخذت كل يوم أطالع الكتاب المقدس وما أسرع ما أصبح هذا الكتاب الغذاء الروحي لحياتي وهاديا لخطوات في هذه الدنيا. وفعلا فرائحته الذكية كانت تغمرني ساعات وحدتي وتسدد خطوات عيشي. وذات صباح تأخرت في النوم ولم أطالع الكتاب المقدس كعادتي كل صباح. وفي تلك الليلة بقيت أتلوى وأتقلب على فراشي لأني حلمت أحلاما مزعجة. فعرفت أن ما انتابني من قلق وعدم ارتياح كان بسبب مخالفة وعدي لله وعدم مطالعتي كلمته المقدسة ذلك الصباح. وكانت هذه هي المرة الثانية التي فيها خسرت حضور الله وحرمت من تلمس مجده الأسني.


    وتركني هذه الاختبار بحالة تهيج وارتباك لأني شعرت أنني أجلس على عشر الحق بدون أن أدركه. وكانت قد مرت بي أوقات تذوقت فيها الحظوة بحضور الله فشعرت بفرح عميق وسلام وأطمئنان. وهكذا توالت عليّ حالات من الاطمئنان والاستقرار وأخرى من الاضطراب والارتباك. وقلت ما السر يا ترى في هذه التقلبات من الشعور. وما هو المفتاح الذي يجعلني أظل قريبة من الله؟ وفكرت في الماضي وفي الأوقات التي كنت أشعر فيها بقرب الله وبحضوره معي، وتذكرت أحلامي السابقة ولقاءاتي الماضية مع الله واستنشاقي العبير الذكي لما كنت في حديقة منزلي. كما تذكرت زيارتي الأولى لبيت القس داود، والأوقات الأخرى التي فيها بدأت أقرأ الكتاب المقدس بانتظام. ولم أنس الاجتماعات المسائية في بيت المهندس أولد. ففي جميع هذه المناسبات كنت أشعر أن الله معي ويرافقني وأحظى بحضوره وبجلاله الأسنى.


    وفكرت في الأوقات الأخرى عندما كنت أشعر أنني فقدت الإحساس بقرب الله مني وبكلمات الكتاب المقدس ساعة أحزنت روح الله القدوس. ففي الرسالة إلى أهل أفسس يقول بولس الرسول: لا تحزنوا روح الله القدوس (أفسس 30:4). فقد يكون ذلك عندما أنبت الخادمة بكلام قاس أو عندما تقاعست عن تغذية نفسي بالروحانيات أو عندما تكاسلت في الذهاب إلى الاجتماعات أو الاشتراك مع الأخوة بالتأملات الروحية والصلاة.


    وقد اكتشفت أن مفتاح البقاء في شركة مع الله والخطوة برؤية مجده الأسنى هو الطاعة. فعندما كنت أطيع ما يوحي به الله إليّ كنت أظل بقربه واحظي برؤية أبي السماوي. وراجعت ما كتبه يوحنا في إنجيله عن قول المسيح: إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه يأتي (يوحنا 23:14). ولما عرفت سر استمرار بقاء الله معي صليت من أجل الطاعة ولأكون خادمة أمينة للرب. وظننت في بادئ الأمر أن هذه تضحية مني لكني اكتشفت أن هذا هو السبيل الذي يبقيني قريبة من الأب السماوي ومن الحظورة برؤية مجد الله.


    ومرارا كثيرة سمعت صوته الإلهي يقول: يا بلقيس أغفري لزوجك السابق زلاته ولا تحقدي عليه! وكثيرا ما كنت أبيت مذهولة إذ من المعقول أن أحب الكثيرين من بني الإنسان إما أن أحب هذا الرجل الذي أساء إليّ فصعب عليّ جدا! وكثيرا ما عاليت بصوتي قائلة يا ابتاه! هذا أمر لا أستطيع تنفيذه! إنني لا أريد أن أغفر لخالد أو أسامحه عما عمله معي! ومرة طلبت من الله إلا يهدي زوجي إلى هذا الدين الذي ينيل المرء سكينة النفس والسلام القلبي كيلا يتمتع بما أتمتع أنا به الآن. ولشد ما كان الغضب يستحوذ على مشاعري وأنا أفكر بذلك الزوج القاسي الذي سولت له نفسه أن يطلقني ويتركني وحيدة في هذه الدنيا.









    رد: أقدر أقوله يا بويا




    وشعرت أن حضور الله عندذاك كان باردا. وربما كانت مخيلتي هي التي تصور لي تقارب الله مني وابتعاده عني. فلما قلت: لا أقدر أن أغفر لزوجي وأصفح عن أعماله السابقة. إذا صوت المسيح يتجاوب في داخلي أن نيري هين وحملي خفيف لأني وديع ومتواضع القلب (متى 30:11). لكني كررت القول: ليست لي القدرة لأغفر له لا سيما بعد أن أخذت استعيد الآلام الكثيرة التي سببها لي. وتدفقت روح الكراهية إلى نفسي. وعند ذلك شعرت أنني منفصلة تماما عن الله. فبكيت مثل الطفل وغدوت مرتبكة وخائفة. وإذا بالله يظهر لي بأعجوبة فائقة في الغرفة فارتميت عند قدميه وصرخت أني أكره خالد ولا يتسنى لي أن أغفر له. وإذا الصوت يتعالى في أرجاء الغرفة مدويا.


    وبهدوء زائد ألقيت حملي على الله وجعلت آلامي بين يديه الرحيمتين فشعرت للحال بنور وهاج يبرق في داخلي شبيه بنور الفجر المتدفق والمتلألئ. فهرعت إلى خزانتي وأخرجت صورة خالد التي أخذناها معا عندما كنا نتمتع بهناء الحياة الزوجية. وصليت قائلة: يا إلهيّ ويا أبي السماوي! خذ حقدي واملأني من حبك المتدفق، واجعلني أن أحب خالد من أجل المسيح فادي ومخلصي! وظللت مدة من الزمن أتطلع إلى الصورة وأنا مشدوهة وراحمة. وإذا الإحساس السلبي يفارقني وعوضا عنه يغمر قلبي إحساس فائق من المحبة والعطف. وعدت فتطلعت إلى الصورة التي كنت أكره رؤيتها فإذا بي أحبها وأحنو على صاحبها. ورفعت دعاء إلى الله ليهب ذلك الزوج الهناء وقلت: باركه يا إلهي! أعطِ خالد فرحا وصرورا وهبه سعادة في حياتي الجديدة.


    وعندما عملت هذا شعرت بالغمامة السوداء ترتفع عن هامتي وبالحمل الثقيل ينزاح عن كاهلي. وتمتعت بسلاح فائق ووجدت نفسي أعيش في ضياء مجد الله وأحظى بسنائه الأمجد. ولأتذكر هذه الحادثة هزعت إلى حيث أختزن الحناء وتناولت كمية منه ورسمت علامة الصليب على يدي لتذكرني بهذا الوعد الذي قطعته على نفسي في حضرة الله الرحيم. وصممت أن لا أعود فأبتعد عن الشركة مع الله وإن كان ذلك يأخذ وقتا طويلا، ألا أنني كنت عازمة أن آخذ درسا بأن لا أبعد الله عني بل أعيش بضياء مجده دائما. وهذا اختبار كان فرصة مناسبة لتدريبي وترويض نفسي ورحبت به رغم تهيج عواطفي رثورة روحي. وهكذا تعلمت كيف أحظى بحضور الله.




























    رد: أقدر أقوله يا بويا


    كنت أغط في نومي في إحدى ليالي يناير عام 1967 فإذا بالسرير يهتز والغرف تتحرك ففقت مرتعبة إذ خلتها زلزلة. ولشد ما استولى على رعب شديد وظننت أن روحا شريرة تسكن المكان. وفجأة حملت من فراشي ولست أدري أكان بجسمي المادي أم الروحي ودفعت مثل الهشيم الذي تتقاذفه الرياح أثناء العاصفة. وأفاق محمود مرتعبا، وهرع لحمايتي. وقلت في نفسي يبدو أن الموت اقترب مني وغدوت أشعر بنزاع الموت في روحي. وتراءى لي حضور مريع، ورؤيا غريبة اكتنفتني مثل الغمامة السوداء. وبالغريزة صرخت يا إلهي! ويا سيدي يسوع! وأنتفض جسمي كما ينتقض حيوان كاسر يود الانقضاض على فريسته.


    صرخت لله من أعماق نفسي واستنجدت بيسوع المسيح. ولست أدري إن كان تصرفي هذا صوابا لكني على الأثر سرت قوة دافعة في جسمي فعدت وصرخت: يا يسوع! يا يسوع! وعندما هدأت ثورة نفسي جثوت على ركبتي أصلي لله وأحمده من أجل حضوره ورؤياي المجيدة!


    وعدت أستسلم للنوم حول الساعة الثالثة من صباح ذلك اليوم. ولم أستيقظ إلا عندما جاءت ريشام تجلب شاي الصباح لي. وقد شعرت عند ذاك بانفراج لأزمة نفسي. وأغلقت عيني برهة فإذا بي أشاهد الرب يسوع واقفا أمامي. وكان يلبس رداء أبيض اللون وطاقية حمراء. فأبتسم لي وكلمني بلطف قائلا: لا تنجزعجي فهذا لن يحدث مرة ثانية. وخلت أن هذه الرؤيا كان مصدرها روح شريرة. وكان المسيح ما زال واقفا أمامي. وسمعته يقول: لقد حان الوقت يا بلقيس أن تتعمدي بالماء! ولم ترق لي هذه الدعوة لأنها مجرد معمودية بالماء لأني كنت أبغي معمودية بالروح لتغير كياني وتخلق مني خليقة جديدة. وعلى الأثر ارتديت ملابسي وطلبت من الجاريتين ألا يزعجاني حتى الظهر. ووقفت قرب النافذة أفكر وكأن الصباح باردا والبخار يتصاعد من ينابيع الحديقة المتدفقة بالماء.


    وأخذت أفكر بالمعمودية وكانت معروفة في العالم الإسلامي لأن المرء كان بوسعه أن يقرأ الكتاب المقدس بدون أثارة ضجة أي عداوة, لكن المعمودية وممارستها كسر في المسيحية، كان أمرا أعظم خطورة لأن المعروف أنه عند المعمودية يترك الإنسان دينه القديم ويعتنق المسيحية. والمعمودية هي المحك النهائي لمن يروم اعتناق المسيحية. وعند المسلمين كانت المعمودية تعني ارتداد عن الإسلام. وعند ذاك تغلب على الخوف لأني خضيت أن أعامل كمنبوذة أو خائنة. ورغبت قبل كل شئ أن أتأكد أن الدعوة للمعمودية كانت موجهة من شخص يسوع لا من شخص وهمي. ولكني حديثة العهد بالمسيحية لم أكن لأثق بالأصوات. وقلت: ليس من سبيل لفحص انطباعاتي أفضل من الكتاب المقدس. فقرأت الفصل في العهد الجديد الذي يشير إلى معمودية المسيح في نهر الأردن. وقرأت ما قاله بولس الرسول عن موت الإنسان القديم وبروز خليقة جديدة للذين اعتمدوا في المسيح. وقلت ما دام الكتاب المقدس يدعو للمعمودية وما دام المسيح نفسه قد تعمد فلا يبقى عليّ إلا أن أطيع.


    وعلى أثر أخذي هذا القرار قرعت الجرس داعية ريشام لتطلب من السائق منصور أن يهيء لي السيارة لأن أروم زيارة بيت المهندس أولد بعد الغداء. وعندما حان الوقت قصدت بيت هذا الأخ المسيحي وما هي إلا لحظات حتى كنت جالسة في غرفة الاستقبال مع كين وماري أولد. وفاجأتهم باعترافي أنني أبغي أن أتعمد لأن المسيح يريد ذلك مني. وحدثني كين بنظرة استغراب وكأنه أراد أن يتفحص عمق قصدي ومدى تصميمي. ثم انحنى إلى الأمام وقال: هل أنت يا سيدة بلقيس مستعدة لتحمل العواقب وقبول ما سيحدث لك. لأن أهل البلاد هنا ينعتون المسيحيين بالكناسين لأنهم يظنونهم من حثالة القوم. ومؤخرًا سألني أحد الباكستانيين إذا كنت من جماعة الكناسين من بلادي؟ وتذكري أيضا أنك من اليوم وصاعدًا لن تعودي السيدة بلقيس الشيخ المشهورة بالمجد العريق والسيدة المسلمة المحترمة صاحبة الأطيان والممتلكان إذ ستصبحين من طبقة الكناسيين ومن جماعة المسيحيين المنبوذين في هذه البلاد! وهل تدركين أن والد محمود في وسعه أن يأخذ الولد الذي تبنيته مدعيا أنك وليّة أمره غير ملائمة لذلك؟
























    رد: أقدر أقوله يا بويا


    وبدأ قلبي يضطرب لأن كنت أخشى فقدان حفيدي الحبيب محمود. وخشيت أن ما قاله كين ونطق به بصراحة سيحل بي أن عاجلا أو أجلا. فاتضحت الصعوبات التي تترقبني وأدركت السبيل الصعب الذي سأسلكه. ولكني بقيت ثابتة وإطاعة أو أمر سيدي المسيح أمر محتم عليّ فأجبت: أعرف كل هذا يا سيد كين! وكثيرون من الناس سيقولون عني أني ارتكبت جريمة وعملت عملا لا يتمشى مع مسلك عائلتي على مدى الأجيال لكنني مصممة أن أتعمد. وأرد أن أطيع الله!


    وقاطع حديثنا قدوم القس ميتشل وزوجته غير المنتظرة. وقال المهندس كين لهما: لدينا أمر هام فبلقيس تريد أن تتعمد. أجاب القس داود: لكن ليس لدينا هنا أدوات للمعمودية المقدسة. وأشارت ماري إلى ودود مثل هذه الأدوات في كنيسة بشاوار المجاورة إذا لابد وأن تكون جميع المعدات في تلك الكنيسة متوفرة للمعمودية. وغار قلبي في مكانه لأن بشاوار هي عاصمة إحدى الولايات الهندية على حدود. وهي مدينة يسكنها مسلمون محافظون ومشهورون بشرعهم في أخذ الثأر والانتقام من المسيحيين. وأمر معموديتي لن تخفى عليهم ولا تمر ساعات إلا وكل المدينة تكون قد عرفت بأمر معموديتي.


    وتركت للمهندس كين أن يعنى بعمل الترتيبان وتهئية الأمور في بشاوار. وفي ذلك المساء كلمني عمي فتح بالهاتف. وكيف أحب ذلك الشيخ الوقور وأحترمه. ومنذ صغري وهو مهتم بتنشئتي على المبائ الدينية الإسلامي. وأول ما قاله لي على الهاتف: هل حقيقة يا بلقيس أنك تقرأين الكتاب المقدس؟ واستغربت كيف أنه عرف ذلك. ثم استطرد يقول: إياك أن تتحدثي مع أحد المسيحيين عن ذلك الكتاب. فأنت تعرفين أنهم ماهرون في المحاجة وقد يسهل عليهم استمالتك إلى دينهم. ولا تسمحي لأحد منهم أن يزورك في بيتك لأنك إن خالفت هذا فسيقاطعك جميع أفراد عائلتك. ولم أستطع مقاطعته على الهاتف لأن كلامه كان بصورة الأمر. وعندما توقف ليلتقط أنفاسه انتهزت الفرصة لجاوبته فقلت: تأكد يا عماه أن لا أحد يدخل بيتي بدون دعوتي وأذني. وكان معروفا عند الكثيرين أنني كنت لا أحب الزوار ولا أسمح لأحد بالتردد على بيتي إلا بعد أن يعمل ترتيبات مسبقة وينال أذني. وختمت قولي بأني أجتمع بمن أريد رغم حبي بالانعزال.


    وبعد أن قطعنا الحديث على الهاتف قلت: يظهر أن المقاومة لي ستكون شديدة لا سيما من أفراد عائلتنا. فهذا عمي بمجرد سماعه أنني أقرأ الكتاب المقدس أنزعج. فكيف يكون موقف باقي أفراد العائلة ساعة يعلمون أنني تعمدت وأصبحت مسيحية؟ وغدوت غير متأكدة إذا كنت قادرة أن أقاوم الضغط من عشرات الناس الذي كنت أحبهم وممن كانوا من أقاربي المقربين. غير أنني آثرت عدم الإفتكار بالعواقب وترك الأمور للتقدير لا سيما وأن كين لم يكن قد حظي بجواب بعد من مدينة بشاوار.


    وثاني يوم وأنا أطالع الكتاب كعادتي عثرت على قصة الخصي الحبشي الذي بشره فيلبس بكلمة الله. وكان أول شئ عمله ذلك الخصي عندما شاهد الماء أن قفز من عربته الفخمة وطلب أن يتعمد في نهر الأردن وخلت أنني أسمع الله يقول لي تعمدي الآن. وتأكدت أنني إذا تأخرت فربما تطرأ أمور تعرقل عليّ هذه العملية وإن قوى هائلة ستظهر لتسد الطريق أمامي وتمنعني من تتميم ما إرادة الله لي! وعلى الأثر نهضت من فراشي واستدعيت الجارية لتساعدني على ارتداء ملابس وقصدت بسرعة بيت القس ميتشل. ولاقيته وأنا أقف على باب منزله وسألته: هل ورد جواب من بشاوار؟ ثم قلت له: لماذا لا تعمدني الآن وفي هذا المكان؟ ما دام أنه لم يرد جواب من كنيسة بشاوار؟ فقطب وجهه واستدعاني للدخول إلى البيت خشية برد الصباح وقال: يا سيدة بلقيس علينا أن لا نتسرع في أجزاء المعمودية لأنها أمر خطير وسرّ هام من الأمور المقدسة في الديانة المسيحية.


    أجبت: عليّ أن أطيع أوامر سيدي الربّ فالله يصر عليّ أن أتابع هذه المسألة وأن لا أتواني فيها! وأخبرته عما عثرت عليه أثناء مطالعاتي للكتاب المقدس في ذلك الصباح. وأحتار القس داود ماذا يعمل. لكنه قال: عليّ أن آخذ زوجتي بعد الظهر إلى أبت أباد ولا أقدر أن أعمل شيئا في الوقت الحاضر بشأن هذه المعمودية. ووضع يده على ذراعي وقال: كوني صبورة قليلا يا بلقيس! ولابد أن نأخذ جوابا من بشاوار نهار غد.









    منقول يتبع

    [b]

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 10 مايو 2024 - 15:15